قال المقريزى: هذه المدرسة كانت من دور الخلفاء الفاطميين، بنتها أم الخليفة العزيز بالله بن المعز، وعرفت بمنازل العز، وكانت تشرف على النيل، وصارت معدة لنزهة الخلفاء، وكان بجانبها حمام يعرف بحمام الذهب من جملة حقوقها؛ فلما زالت الدولة الفاطمية على يد السلطان صلاح الدين يوسف أنزل فى منازل العز الملك المظفر تقى الدين فسكنها مدة، ثم أنه اشتراها والحمام والاصطبل المجاور لها من بيت المال؛ فلما أراد أن يخرج إلى الشام وقف منازل العز على فقهاء الشافعية، ووقف عليها الحمام وما حولها وعمر الاصطبل فندقا عرف بفندق النخلة ووقفه عليها، ووقف عليها الروضة ودرس بها عدة من الأعيان.
[ترجمة الملك المظفر]
والملك المظفر هو تقى الدين أبو سعيد عمر بن نور الدولة شاهنشاه بن نجم الدين أيوب ابن شاذى بن مروان، وهو ابن أخى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.
قدم إلى القاهرة واستنابه السلطان على دمشق فى المحرم سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ثم نقله إلى نيابة حماة وسلم إليه سنجار لما أخذها فأقام بها، ثم لحق السلطان على حلب فأقام إلى أن بعثه إلى القاهرة نائبا عنه بديار مصر عوضا عن الملك العادل أبى بكر بن أيوب، فقدمها فى رمضان سنة تسع وسبعين وأنعم عليه بالفيوم وأعمالها مع القايات وبوش، ثم خرج بعساكر مصر إلى السلطان وهو بدمشق لأجل أخذ الكرك من الفرنج فسار إليها وحاصرها مدة، ثم رجع مع السلطان إلى دمشق وعاد إلى القاهرة وقد أقام السلطان على مملكة مصر ابنه الملك العزيز عثمان، وجعل الملك المظفر كافلا له وقائما بتدبير دولته، فلم يزل على ذلك إلى جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين، ثم أقره السلطان على حماة والمعرة ومنبج وأضاف إليه ميافارقين.
وكانت له فى أرض مصر وبلاد الشام أخبار وقصص، وعرفت له مواقف عديدة فى الحرب مع الفرنج، وله فى أبواب البرّ أفعال حسنة، وله بمدينة الفيوم مدرستان إحداهما