حتى يتمكن المنوط بإدخالها فى تلك البلاد من التوفيق بين أحوال هذه الأمور وأحوال/أراضى القطر بالتجربة والامتحان، وتحرى المناسبات شيئا فشيئا. فلو أنهم صبروا والتفتوا وحملوا الناس على التعلم بدلا عن التثبيط، لكان خيرا لهم، ولظهرت ثمرة تلك الأعمال. وصارت مألوفة. لكن لم يتيسر ذلك فاضمحل حالها، وأهمل أمرها، ثم إن زمام مساكن تلك البلدة اثنان وثلاثون فدانا، ورى أرضها من بحر «شيبين»، وبها ساقيتان؛ إحداهما بجامع الأربعين، والأخرى بجامع سيدى مجاهد. ارتفاع كل عشرة أمتار، وبها مقبرة دارسة بجوار الشيخ مجاهد، ومقبرة يقال لها جبانة الشيخ يحيى فى جهتها الغربية دارسة أيضا، ومقبرة فى جهتها القبلية فيما بين الجرن، وأرض المزارع معدة للدفن، وبها أضرحة لبعض الصالحين كضريح الشيخ يحيى فى جهتها الغربية، وهو الآن متهدم، وضريح الشيخ سعيد، والشيخ إبراهيم الضوينى مهدوم أيضا، والشيخ شرف الدين، وسيدى الأنصارى فى بحريها، وسيدى العراقى فى غربيها، ولهذه الناحية شهرة بزرع القطن، ولها سوق كل يوم اثنين، وأكثر سكانها مسلمون، وفيهم أقباط وأوروباويون. وقد ترقى من أهلها السيد أفندى النقيب، أحد رجال ديوان الهندسة برتبة صاغقول أغاسى.
[ترجمة إبراهيم بيك النبراوى]
ومن أهلها حضرة المرحوم إبراهيم بيك النبراوى رئيس الأطباء سابقا، ترقى فى الرتب الديوانية إلى أن بلغ رتبة المتمايز. وفى أول أمره أدخله أهله مكتب بلده تعلم فيه الخط وبعض القراءة، ثم تعلق بالبيع والشراء، وترك المكتب. وأرسلوه مرة إلى المحروسة ليبيع بطيخا، فلم تربح تجارته، بل لم يحصل رأس المال فخاف من أهله، ولم يرجع إليهم، ودخل الأزهر، واشتغل بالقراءة، وفى تلك المدة طلب من الأزهر شبان برغبتهم لتعلم الحكمة، فرغب المترجم ودخل مدرسة أبى زعبل، فأقام بها مدة، وترقى إلى رتبة ملازم، ثم تعلقت الإرادة السنية بإرسال جماعة إلى بلاد فرانسا. ليتقّنوا فنون الحكمة،