قال المقريزى: هذا الجامع بجوار خط التبانة خارج باب زويلة كان مكانه أولا مقابر أهل القاهرة ثم عمر أماكن؛ فلما كان فى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة أخذت الأماكن من أربابها، وتولى شراءها النشو فلم ينصف فى أثمانها وهدمت وبنى مكانها هذا الجامع؛ فبلغ مصروفه زيادة على ثلثمائة ألف درهم عنها نحو خمسة عشر ألف دينار سوى ما حمل إليه من الأخشاب والرخام وغيره من جهة السلطنة، وأخذ ما كان فى جامع راشدة من العمد فعملت فيه وجاء من أحسن الجوامع، وأول خطبة أقيمت فيه يوم الجمعة رابع عشر رمضان سنة أربعين وسبعمائة.
[ترجمة الأمير الماردانى]
والماردانى: هو الأمير الكبير ألطنبغا الماردانى الساقى أمّره الملك الناصر محمد بن قلاوون وقدمه وزوجه ابنته فلما مات السلطان وتولى بعده ابنه الملك المنصور أبو بكر وشى به الماردانى، وذكر لقوصون: أنه يريد إمساكه فتحيل قوصون وخلع الملك المنصور وقتله مع أن الماردانى كان قد عظم عند المنصور أكثر مما كان عند أبيه.
ولما قامت الأمراء على قوصون وحاصروه بالقلعة كان ألطنبغا الماردانى أصل ذلك كله، وفى الليلة التى حصل فيها ذلك لقوصون طلع عنده وصار يشاغله طول الليل والأمراء والمشايخ عنده وما زال يساهره حتى نام، وكان من قيام الأمراء وركوبهم عليه ما كان وأمسك وأخرج إلى الاسكندرية وقتل بها، وبعد ذلك أخذ الماردانى فى التعاظم وقويت نفسه وصار يقف فوق التمرتاشى وكان أغاته فشق ذلك عليه وكتم فى نفسه إلى أن ملك الصالح إسماعيل؛ فتمكن التمرتاشى وصار الأمر له وعمل على الماردانى فلم يشعر بنفسه إلا وقد أخرج على خمسة رؤوس من خيل البريد إلى نيابة حماة فى شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، وبعد شهرين نقل إلى نيابة حلب فأقام بها يسيرا ومرض ومات مستهل صفر سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
وكان شابا طويلا رقيقا حسن الصورة لطيفا معشق الخطرة كريما صائب الحدس عاقلا، انتهى ملخصا.