واستمرت عامرة إلى أن تخربت، فجددها العلامة المحدّث الشيخ على الشهير بابن العربى الفاسى المصرى المعروف بالسقاط. ولد بفاس وقرأ على والده، وعلى العلامة محمد بن أحمد العربى، وسمع منه الإحياء، وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد السلام البنانى. كتب العربية، وجاور بمكة، فسمع على البصرى والنخلى وغيرهما، وعاد إلى مصر فقرأ على الشيخ إبراهيم الفيومى أوائل البخارى، وعلى عمر بن عبد السلام جميع الصحيح وقطعة من البيضاوى، وسمع كثيرا على عدة مشايخ، وكان عالما فاضلا مستأنسا بالوحدة، ولم يزل كذلك إلى أن مات سنة ثلاث وثمانين ومائة وألف، ودفن بهذه الزاوية التى برأس حارة الجودرية .. (انتهى)«جبرتى»).
[[ترجمة السيد أحمد بن عبد السلام]]
وفى سنة خمس ومائتين وألف دفن بها السيد أحمد بن عبد السلام مع والده وهو-كما فى الجبرتى-الخواجا المعظم والتاجر المكرم السيد أحمد بن عبد السلام المغربى الفاسى. نشأ فى حجر والده، وتربى فى العز والرفاهية حتى كبر وترشد، وأخذ وأعطى، وباع واشترى وشارك وعامل، واشتهر ذكره وعرف بين التجار، ومات أبوه واستقر مكانه فى التجارة، وعرفته الناس زيادة عن أبيه، وصار يسافر إلى الحجاز فى كل سنة مقوما مثل أبيه، وبنى داره ووسعها، وأضاف إليها دكة الحسبة التى بجوار الفحامين، وأنشأ دارا عظيمة أيضا بخط الساكت بالأزبكية، وانضوى إليه السيد أحمد المحروقى، وأحبه واتحد به اتحادا كليا، وكان له أخ من أبيه بالحجاز يعرف بالعرائشى من أكابر التجار ووكلائهم المشهورين، ذو ثروة عظيمة فتوفى، وصادف وصول المترجم حينئذ إلى الحجاز فوضع يده على ماله ودفاتره وشركاته، وتزوج بزوجته، وأخذ جواريه وعبيده ورجع إلى مصر، واتسع حاله زيادة على ما كان عليه، وعظم صيته، وصار عظيم التجار وشاه البندر، وسلم قياده فى الأخذ والعطاء وحساب الشركاء إلى السيد أحمد المحروقى، وارتاح إليه لحذقه ونباهته، ولم يزل على ذلك حتى اخترمته المنية، وتوفى فى شعبان سنة خمس ومائتين وألف مطعونا، وغسل وكفن وصلى عليه بالمشهد الحسينى فى مشهد حافل بعد العشاء الأخيرة فى المشاعل، ودفن عند أبيه بزاوية ابن العربى بالقرب من الفحامين. (انتهى).