وأما المساجد الثلاثة الحاكمية المعلقة، فالذى أمر بإنشائها هو الحاكم بأمر الله بخط ابن طولون، منها مشهد محمد الأصغر، ومنها المسجد المعروف عند العامة بمسجد الشيخ عبد الرحمن الطولونى الذى عند الخرّاطين، لأن القبر الذى به تزعم العامة أنه قبر الشيخ عبد الرحمن الطولونى فلذلك عرف به.
وأما المسجد الثالث فلم نقف له على أثر، ولعله كان بالقرب منهما ثم زال بالكلية.
ثم بعد عطفة مراد بيك المتقدم ذكرها ميدان الحلمية، وهو ميدان كبير متسع جدا، وكان فى محله عطفتان كبيرتان:
إحداهما كانت بجوار السبيل الموجود إلى الآن، وكانت تعرف بعطفة قرد الملقة، وهى غير نافذة. وكان بها منزلان أحدهما بآخرها، ويعرف بمنزل محمود بيك، وقد دخل فى سراى الحلمية، والثانى يعرف ببيت قرد الملقة، وكان كبيرا جدا وبداخله ساقية وشجرة كبيرة، وكان يعرف أيضا ببيت الشجرة، وقد دخل فى سراى الحلمية أيضا.
والعطفة الثانية كانت تعرف بعطفة المقياس، وهى غير نافذة، وكان بها بيت كبير يعرف ببيت المقياسى، بداخله ساقية كبيرة، وهذه الساقية هى الموجودة الآن فى ميدان الحلمية، وعليها الطرنبة.
وكان هناك درب يعرف بدرب الحمّام تجاه جامع ألماس كان بداخله بيت كبير يعرف ببيت يوسف بيك دخل فى ضمن ما دخل فى سراى الحلمية.
[ترجمة الأمير يوسف بيك]
ويوسف بيك هذا هو - كما فى الجبرتى - الأمير يوسف بيك الكبير من أمراء محمد بيك أبى الذهب، أمّره فى سنة ست وثمانين ومائة وألف، وزوّجه بأخته، وشرع فى بناء داره على بركة الفيل داخل درب الحمام تجاه جامع ألماس، وكان يسلك إليها من هذا الدرب ومن طريق الشيخ نور الظلام.
وكان هذا الدرب كثير العطف، ضيق المسالك، فأخذ بيوته؛ بعضها شراء، وبعضها غصبا، وجعله طريقا واسعة، وعليها بوابة عظيمة. وأراد أن يجعل أمام داره رحبة متسعة، فعارضه جامع خير بك حديد، فعزم على هدمه ونقله إلى آخر الرحبة.
قال الجبرتى: فسأل والدى، وكان يعتقده، فقال له لا يجوز ذلك، فتركه على حاله، واستمرّ يعمّر فى تلك الدار نحو خمس سنوات. وأخذ بيت الداوودية الذى بجواره، وهدمه جميعه وأدخله فيها. وصرف فى تلك الدار أموالا عظيمة، فكان يبنى الجهة منها حتى يتمها بعد تبليطها وترخيمها بالرخام الدقى الخردة المحكمة الصنعة والسقوف والأخشاب والرواشن