بعض مشايخ العرب وتشاجرت أولاده بسبب قسمة التركة، فأتوا إلى الينبع يستفتون فلم يجدوا من يفتيهم، فرأى الوزير أن يكتب السؤال ويرسله مع الهجان بأجرة معينة إلى مكة يستفتى من علمائها، فاستقل الهجان الأجرة ورجع عن السفر، ووقع التشاجر فى دفع الزيادة للهجان ووقعوا فى الحيرة، فلما رأى المترجم ذلك أخذ الدواة والقلم وذهب إلى خلوة له بالجامع، فكتب الجواب مفصلا بنصوص المذهب وختم عليه وناوله للوزير، فلما رآه الوزير تعجب وقال له: لم لم تظهر نفسك وأنت من علماء الإسلام؟ فاعتذر بأنه لو قال ذلك لم يصدقه أحد لرثاثة حاله، فحينئذ أكرمه الوزير وأجلّه ورفع منزلته وعيّن له من المال والكسوة قدرا معينا، وصار يقرأ دروس الفقه والحديث هناك حتى اشتهر أمره وأقبلت عليه الدنيا، ثم لما قرب ورود الحج المصرى سأل الوزير أن يحج ويعود فأنعم عليه، ووصل مع الركب إلى مكة وأكرم هناك وعاد إلى مصر، ولم يزل على حالة مستقيمة حتى توفى بفالج مكث فيه شهورا من السنة المذكورة، عليه رحمة الله تعالى، انتهى.
ترجمة شيخ الإسلام الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الجواد السفطى
الشهير بالصائم
ومنها أيضا الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الجواد الشهير بالصائم السفطى الشافعى الأزهرى، ولد بسفط وقدم إلى الأزهر وحضر على مشايخ عصره كالشنوانى والدمهوجى وغيرهما، وتصدى للتدريس بالأزهر وانتهت إليه رئاسته فتولى مشيخة الجامع بعد موت البرهان القويسنى وذلك فى شهر القعدة سنة أربع وخمسين ومائتين وألف، وقد أرّخ بعض الشعراء مشيخته مهنئا له فقال:
الآن تثبت للهناء ولائم … ينفى بها لاح ألح ولائم
لا غرو إن خطب العلا لنفوسهم … قوم همو بين الكرام أكارم
فتمنعت وأبت سواه وأرّخت … كان الخليق بى المصلى الصائم