للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولده، فلم يزل على ذلك إلى أن مات سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ودفن مع أبيه ططر عند قبر الإمام الليث .

وبعد موته أمر بنزول ذرية الملوك السالفة من القلعة، فنزلوا وسكنوا المدينة، وكان يقال لهم أولاد الأسياد.

***

[تولية الأشرف أبى النصر برسباى الدقماقى]

ولما تولى السلطنة السلطان سيف الدين أبو النصر برسباى الدقماقى سنة خمس وعشرين وثمانمائة لقّب بالملك الأشرف وبولايته سكنت الفتن، واستقرت الأحوال. وجعل جان بك أتابكا، ثم رأى منه الغدر، فشغله فى حلوى، وولّى بدله جقمق العلائى.

وحصل فى زمنه طاعون، وحارب ملك قبرس، وأحضره إلى مصر أسيرا، وعلّق خوذته على باب مدرسته الأشرفية، التى بناها فى سلطنته، عند الوراقين بقرب الغورية، وأثبت وقفيتها فى جدرانها بكتابة بارزة من بدن الحجر داخل المقصورة، حرصا على بقاء أوقافها، ومع هذا لم يفد ذلك فائدة، فقد لحقها ما لحق غيرها من الاضمحلال.

وبنى أيضا مدرسة بخانقاه سرياقوس، لم ير أحسن منها، وله وكالة بالصليبة، عليها ربعان، وله عمارات كثيرة بمصر ومكة والشام، وقد تغيرت تلك الآثار بعده، بتداول الأيام وزوال بعضها بالكلية.

وأقام الأشرف برسباى فى السلطنة ست عشرة سنة، ومرض فاشتد به المرض، واعترته ماليخوليا، وخفّة فى العقل، فرسم بأمور، منها أن لا تخرج امرأة من بيتها مطلقا، فكانت الغاسلة إذا خرجت إلى ميتة تأخذ ورقة من المحتسب، فتجعلها على رأسها حتى تمشى فى السوق ونادى أن لا يلبس فلاح زنطا مطلقا، ورسم بتوسيط اثنين من الحكماء، فوسّطا وهما:

الرئيس خضر، والرئيس شمس الدين بن العفيف.

واستمرّ على ذلك حتى مات فى شهر ذى الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، ودفن بتربته، التى أنشأها عند البرقوقية بالصحراء، وكان له من العمر نحو خمسة وسبعين سنة، وكان ذا سكينة ووقار ومهابة، مع لين جانب، ذا معرفة بأحوال السلطنة، كثير البر والصدقات، لكنه كان كثير الطمع فى تحصيل الأموال، محبا لجمعها من المباشرين وغيرهم