[فصل فيما كان ينقش مع أسماء الخلفاء على النقود من أسماء أبنائهم وأسماء العمال والولاة المستقلين وغير المستقلين]
اعلم أولا أن الخلفاء الراشدين كانوا مستقلين بالأحكام الدينية والدنيوية، وجاء بعدهم الخلفاء الأمويون كذلك، ثم بعد الأمويين جاء الخلفاء العباسيون، وفى أول حكمهم افترقت الكلمة وانقسمت المملكة الإسلامية قسمين، فاختص الأمويون بجهة أسبانيا، وكانت خلافة العباسيين فى باقى بلاد الإسلام، واستعملوا عمالا فى الجهات البعيدة، ثم بسبب اتساع المملكة وتباعد أطرافها وبعد العمال عن مقر الخلافة أخذ العمال فى الاستقلال بالتصرف وتمكنوا فى البلاد حتى جعلوا الحكم وراثة يتوارثه ذراريهم، وصاروا لا يدخلون تحت طاعة الخلفاء إلا فى بعض الأحكام/كالأمور الديانية، وكان بدء ذلك فى خلافة هارون الرشيد. وفى مبدأ القرن الرابع ضعفت صولة الخلفاء حتى كادت تنعدم وصاروا فى تصرف العائلات التى استقلت، إلى أن حصلت إغارة المغول على بغداد فزالت الخلافة عن العباسيين بالمرة وحدثت الطبقة الثانية من العباسيين الذين ليس لهم إلا الرياسة فى الأمور الدينية.
وكان العباسيون فى أول خلاقتهم قد أذنوا لعمالهم فى نقش أسمائهم مع أسمائهم على المعاملة، ولما استقل العمال أذنوا لعمالهم أيضا فى نقش أسمائهم، فكان ينقش اسم الخليفة فى صدر القطعة من المعاملة، ويليه اسم عامله ثم عامل عامله، مع تسمية الخليفة المستقل باسم السلطنة لتميزه، ولم يحصل ذلك فى خلافة الأمويين إذا تمهد هذا، فلنورد لك كيفية تعاقب العباسيين وما حصل فى مدة خلافتهم من تقسيم الولايات مع الاستقلال فى أكثرها. وقد مر قريبا أن العمال كانوا يكتبون أسماءهم مع أسماء الخليفة،