أسواق وموالد تهرع إليها أهالى القطر من كل ناحية فى أيام معلومة من السنة، وفضلا عن المبادلات كانت هذه الموالد بالنسبة لجميع أهالى القطر أعيادا تتحد فيها حظوظهم وملاذهم، وكان جميع طبقات الخلق يركب النيل فى مراكب مختلفة فى الشكل والزينة على اختلاف درجة ثروتهم، وتتنقل فى الجهات البحرية والقبلية لقضاء أغراض متنوعة، وكانوا لا يرون صعوبات فى ذلك لقلة ما يدفعون من الأجرة، مع سرعة النيل، واعتدال الأهوية فى وقت زيادته.
[[فيضان النيل وأداء الأغراض الدينية والدنيوية]]
وكانت الديانة تحث على ذلك لزيارة المقدسين، وتقريب القرابين ووفاء النذور، ويعلم من هذا كله أن وقت زيادة النيل كان هو الوقت الذى أعدّه المصريون لأداء جميع أغراضهم الدينية والدنيوية، ولم يكن ذلك قاصرا على طوائف الأهالى، بل كانت الملوك والأمراء وأعيان الناس مشتركين فى ذلك، فكان السرور يفيض على أهالى القطر مع فيضان النيل، وينقص مع نقصه، فكانوا يتشوقون لقدومه عقب كل احتراق، كما يتشوق المحب لقدوم حبيبه.
[[ملخص ما ذكره ملى الفرنساوى عن الاحتفال بفيضان النيل]]
وقد رأيت أن آتى بملخص ما ذكره ملى الفرنساوى، ونقله عن الأقدمين، مما كان يعمل عند المصريين فى الأزمان القديمة من الأفراح وقت زيادة النيل، ليرى القارئ درجة الاحتفال عند المصريين بالنيل فى كل وقت.
قال المؤلف المذكور:
ذكر المؤرخون أنه كان على شاطئ النيل من مبدئه إلى منتهى الصعيد الأعلى، يعنى: فى طول مائتى فرسخ من المعابد والسرايات والقصور والقبور