قال المقريزى: هذا الرباط بداخل الدرب الأصفر تجاه خانقاه بيبرس حيث كان المنحر ومن الناس من يقول: رواق البغدادية. وهذا الرباط بنته الست الجليلة تذكار باى خاتون ابنة الملك الظاهر بيبرس فى سنة أربع وثمانين وستمائة للشيخة الصالحة زينب ابنة أبى البركات المعروفة ببنت البغدادية، فأنزلتها به ومعها النساء الخيّرات، وما برح إلى وقتنا هذا يعرف سكانه من النساء بالخير، وله دائما شيخة تعظ النساء وتذكرهن وتفقههن، وآخر من أدركنا فيه الشيخة الصالحة سيدة نساء زمانها أم زينب فاطمة بنت عباس البغدادية، توفيت فى ذى الحجة سنة أربع عشرة وسبعمائة وقد أنافت على الثمانين، وكانت فقيهة وافرة العلم زاهدة قانعة باليسير عابدة واعظة حريصة على النفع والتذكير ذات إخلاص وخشية وأمر بالمعروف، انتفع بها كثير من نساء دمشق ومصر، وكان لها قبول زائد ووقع فى النفوس، وصار بعدها كل من قام بمشيخة هذا الرباط من النساء يقال لها البغدادية، وأدركنا الشيخة الصالحة البغدادية أقامت به عدة سنين على أحسن طريقة إلى أن ماتت يوم السبت لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وسبعمائة، وأدركنا هذا الرباط وتودع فيه النساء اللآتى طلقن أو هجرن حتى يتزوجن أو يرجعن إلى أزواجهن صيانة لهن، لما كان فيه من شدة الضبط وغاية الاحتراز والمواظبة على وظائف العبادات حتى أن خادمة الفقيرات به كانت لا تمكن إحداهن من استعمال إبريق ببزبوز وتؤدّب من تخرج عن الطريق بما تراه.
ثم لما فسدت الأحوال من عهد حدوث المحن بعد سنة ست وثمانمائة تلاشت أمور هذا الرباط ومنع مجاوروه من إقامة النّساء المعتدّات به وفيه إلى الآن بقايا من خير ويلى النظر عليه قاضى القضاة الحنفى اه.
وهذا الرباط قد زال بالكلية وبنى فى محله الآن الحوانيت المتسعة التى على باب الدرب الأصفر.