الذى به المنبر، ومن العلماء من قال: إنها من عهد موسى ﵇، وكان لها نظير شجرة أخرى فى الوراقين احترقت فى حريق مصر سنة أربع وستين وخمسمائة، وظهر بهذا الجامع بئر البستان التى كانت به وهى بموضع حلقة الفقيه ابن الجيزى المالكى.
وذكر بعضهم أن محل جامع عمرو كان كنيسة للنصارى هدمها المسلمون وبنوا مكانها جامعا، وفى كتاب «النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة» أن محله كان خانا.
[إقامة القبلة]
قال الكندى عن يزيد بن أبى حبيب عمن حضر مسجد الفتح: إنه وقف على إقامة قبلة المسجد الجامع ثمانون رجلا من أصحاب رسول الله ﷺ، منهم: الزبير بن العوام، والمقداد، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وفضالة بن عبيد، وعقبة بن عامر ﵃. وقال عبد الله بن أبى جعفر: أقام محرابنا هذا عبادة بن الصامت ورافع ابن مالك. وقال داود بن عقبة: إن عمرا بعث ربيعة بن شرحبيل وعمرو بن علقمة يقيمان القبلة وقال لهما: إذا زالت الشمس فاجعلاها على حاجبيكما ففعلا. وقال الليث: إن عمرا كان يمد الحبال حتى أقيمت قبلة المسجد. قال ابن لهيعة: سمعت أشياخنا يقولون: لم يكن لمسجد عمرو محراب مجوف، ولا أدرى بناه مسلمة أو بناه عبد العزيز، وأول من جعل المحراب قرة بن شريك. وقال أبو سعيد الحميرى: أدركت مسجد عمرو [و] طوله خمسون ذراعا فى عرض ثلاثين، والطريق يطيف به من كل جهة، وله بابان يقابلان دار عمرو ابن العاص، وبابان فى بحريه وبابان فى غربيه، والخارج من زقاق القناديل يجد ركن المسجد الشرقى محاذيا لركن دار عمرو الغربى، وذلك قبل أن يؤخذ من دار عمرو ما أخذ، وكان طوله من القبلة إلى البحرى مثل طول دار عمرو، وكان سقفه مطأطئا جدا ولا صحن له، وفى الصيف يجلس الناس بفنائه من كل ناحية، وبينه وبين دار عمرو سبع أذرع. وقال القضاعى فى خططه: كان عمرو بن العاص ﵁ قد اتخذ منبرا/فكتب إليه عمر ابن الخطاب ﵁ يعزم عليه فى كسره ويقول: أما بحسبك أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك، فكسره. وقال القضاعى أيضا: لم تكن الجمعة تقام فى زمن عمرو بن العاص بشئ من أرض مصر إلا بهذا الجامع.
وفى خلافة معاوية سنة ثلاث ستين من الهجرة زاد مسلمة بن مخلد الأنصارى أمير مصر فى الجامع من بحريه وجعل هذه الزيادة رحبة، ولم يغير البناء القديم ولا أحدث شيئا فى قبليه ولا فى غربيه. وقيل: إنه أحدث فى شرقيه حتى ضاق الطريق بينه وبين دار عمرو