حللا مكلفة مغشاة بالقصب قد أعدّت لهم، ثم يخرج راكبا فى موكب عظيم بالطبول والبوقات، وبين يديه أربعة أشخاص على أربعة بغال، بيد كل واحد منهم كيس فيه خمسمائة دينار، يأخذها صاحب المقياس ليفرقها على أهل بيته، وكلما وصل إلى باب يدخل منه الخليفة نزل حتى ينتهى إلى آخر الأبواب، فينزل ويقبل الأرض ثم يركب. وكذلك يفعل كل من خلع عليه كائنا من كان.
[[مظاهر الاحتفال فى ليلة المبيت]]
ثم تكون ليلة المبيت؛ فترسل الفقهاء لقراءة القرآن هناك، وتجتمع الناس، ويخرج لتلك الليلة عشرة قناطير من الخبز، وعشر شياه مشوية، وعشر جامات حلوا، وعشر شمعات موكبية، فإذا كان صبيحة تلك الليلة، خرج الخليفة لابسا حلّة الموسم فى هيئة غريبة، وكانت تسمى «شدة الوقار»، وقد فرشت له الأراضى بالحرير واصطفوا صامتين، وامتنع الكلام، وكانت التحية إذ ذاك من كل من حضر بمواصلة تقبيل الأرض من بعيد حتى ينتهى إلى مجلسه، فتعرض عليه الخيل، فيشير إلى ما اختاره منها لركوبه، فيقدم إليه وتقاد البقية بين يديه وقد انتظم الموكب على الترتيب المألوف، كل قوم فى موضعهم اللائق بهم، وضربت الطبول المصنوعة من الفضة بدل الخشب، وضربت بوقات الذهب والفضة وأصحابها ركاب، وبوقات النحاس وأصحابها مشاة، وبين يدى الخليفة رجل معه مال يفرقه على أصحاب المساجد والأسبلة التى فى الطريق يمينا وشمالا حتى ينتهى إلى الساحل، فينزلون فى السفن، ويطلعون إلى الخيام المضروبة هناك التى فيها خيمة الخليفة وهى مضروبة فى بقعة تزيد عن فدانين، طول عمودها خمسة وخمسون ذراعا، وهى عبارة عن قاعة كبيرة وأربع قيعان صغار وأربعة دهاليز، ولضيق المكان لم يكن ينصب منها غير القاعة الكبيرة والدهاليز، وكانت الخدم الموكلون بنصبها يتأذون من نصبها لما يعانون من المشاق، حتى أنه