جبال كسروان، فلما عاد سار مع السلطان من دمشق إلى القاهرة، ولم يزل بها إلى أن ثار الأمير بيدرا على الأشرف فتوجه معه وأعان على قتله، فلما قتل بيدرا فرّ قراسنقر واختفى بالقاهرة إلى أن استقر الأمر للملك الناصر محمد بن قلاوون فعفا عنه، وحضر بين يدى السلطان وقبّل الأرض وأفيضت عليه التشاريف، وجعله أميرا على عادته ولم يزل على ذلك إلى أن خلع الملك الناصر محمد بن قلاوون من السلطنة، وقام من بعده الملك العادل كتبغا فاستمر على حاله إلى أن ثار الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بديار مصر على الملك العادل كتبغا، واستمر الأمر لحسام الدين لاجين، وتلقب بالملك المنصور، فلما استقر بقلعة الجبل خلع على الأمير قراسنقر، وجعله نائب السلطنة بديار مصر فى صفر سنة ست وتسعين وستمائة؛ فباشر النيابة إلى يوم الثلاثاء للنصف من ذى القعدة؛ فقبض عليه وأحيط / بموجوده وحواصله ونوابه ودواوينه وضيّق عليه، ولم يزل على ذلك إلى أن قتل الملك المنصور لاجين وأعيد الملك الناصر محمد فأفرج عنه وعن غيره، ولم يزل فى صعود وهبوط وسقر وإقامة إلى أن مات بالإسهال ببلد المراغة فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.
وكان جسيما جليلا صاحب رأى وتدبير ومعرفة وبشاشة وجه وسماحة نفس وكرم زائد بحيث لا يستكثر على أحد شيئا مع حسن الشاكلة وعظم المهابة والسعادة الطائلة، وبلغت عدة مماليكه ستمائة مملوك ما منهم إلاّ من له نعمة ظاهرة وسعادة وافرة، وله من الآثار بالقاهرة هذه المدرسة ودار جليلة بحارة بهاء الدين انتهى باختصار.
وهذه المدرسة قد تخربت وبنى الآن فى بعض منها مكتب الجمالية وهو بين جامع بيبرس وحارة المبيضة.
[مدرسة قرقماس]
هى بشارع درب الحجر بجوار دار الأمير راغب باشا.
أنشأها الشيخ محمد بن قرقماس الحنفى، وجعل له بها قبرا دفن به سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة، وهى عامرة إلى الآن وتعرف بجامع جنبلاط، انظر الجوامع.