هو الأمير عيسى بن إسمعيل بن عامر أخو جويلى بن سليمن بن عيسى بن عطية بن شبيب أمير اللواء وشيخ عرب بنى عونة بالبحيرة، ذو الشهرة والرياسة فى قومه، قال:
وقد أخبرنى من أثق به من مشايخ البحيرة لما عقدت عقد العزم إلى صوبها وتوجهت إليها فى عام خمس وستين وتسعمائة أن أصل بنى عونة من المغرب وردوا إلى إقليم البحيرة بنجوعهم ثم ورد عليهم قوم من لواتة ومزاته من أهل المغرب أيضا، وهم أصول بنى بغداد مشايخ عرب المنوفية فكانت لواتة ومزاتة خبثاء الجيرة وربما استعانوا ببنى عونة فى مآربهم واستهانوا بهم فى مطالبهم فاتفق انقطاع جسر فى زمن النيل فاستعملوهم فى سده وأجروهم على سوء جوارهم فى هزل الأمر وجده، فعمدت امرأة من نساء بنى عونة إلى أثوابها فرمت بها بين أترابها وكشفت عن فرجها بين ذويها عند نقل ترابها، وبينما هى فى عملها حاسرة عاملة بما أمرت به فى كل كرة خاسرة، إذ وافى رجل من لواتة فحين وقع بصرها عليه سترت فرجها وأظهرت الحياء بين يديه، فكان من كلام قومها إذ أكثروا من لومها قد بدا منك ما رأينا وكثر من فعلك اعجابنا كيف هتكت سترك بيننا ومزقت الجلباب، ولما جاء هذا اللواتى بادرت إلى لبس الثياب فأجابتهم بكلام أزعجهم وأذاقهم طعم الهوان ولواعج المنون، إنما كشفت فرجى بينكم لأنكم نساء مثلى ولا تستحى المرأة من مثلها، وهؤلاء رجال فلذلك سدلت أثوابى وأزرت حجابى، فثار كبير قومها وقد تأثر من توبيخها ولومها وعطف بمن معه على لواتة ومزاتة أنفا من الضيم، وأقشعوا سحابة هوانهم والغيم، وشدوا عليهم قتلا وحربا، ومنحوهم طعنا وضربا، فطردوهم من جوارهم إلى أسفل منهم، وكان شعاره عند اشتعال الحرب واشتغالهم بالطعن والضرب: عونة يا رجال فلذلك سميت القبيلة بذلك نسبة إلى كلمته تلك، قال: ومن حينئذ تكنوا وانفردوا بالإقليم لكن على غير طمأنينة ممن يرد عليهم من طوائف العرب للغارة كما هو شأن عرب البادية.
ويذكر أن بنى عونة كانوا إذ ذاك طوائف وعلى كل طائفة شيخ متميز بينهم، فكانوا يزرعون طين السلطان ويوردون الخراج أقساما بحسب طوائفهم، إلى أن كان زمن جويلى بن سليمن أخى عامر جد صاحب هذه الترجمة، فظهر له من بينهم خبر