وقد عد فى هذا الكتاب جملة من صوفيتها المدفونين بها، فذكر أن جار الله بن صالح ابن أبى المنصور أحمد بن عبد الكريم الحنفى أدركه أجله بها فى سنة خمس عشرة وثمانمائة ودفن بمقبرة صوفيتها، وكان خيرا عاقلا، أحد المنزلين بدرس يلبغا، سمع من خليل المالكى، والعز بن جماعة والشهاب الهكارى وغيرهم. وسمع منه الفضلاء رغبة فى اسمه، وقرأ بمدينة ينبع وبمكة رحمه الله تعالى.
[ترجمة ابن الطرابلسى]
وأن عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن أبى بكر الحنفى المعروف بابن الطرابلسى مات فى يوم الجمعة حادى عشر المحرم سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، ودفن بمقبرة صوفيتها، وكان عالما فاضلا، سمع من الشمس محمد بن يوسف، والشرف أبى بكر بن جماعة، والشمس بن الخشاب، وسمع بمكة على القاضى أبى الفضل محمد بن أحمد النويرى، وأجاز له القيراطى، وأبو العباس بن عبد المعطى، وسعد الله الإسفرايينى، وولى إفتاء دار العدل والتدريس بالعاشورية وغيرها. وحدث وسمع منه الأئمة. وكان يصمم فى الأحكام ولا يتساهل كغيره. وأقعد بآخره وحصلت له رعشة فى بدنه، ثم فلج فحجب، وأقام كذلك حتى مات رحمه الله تعالى.
[ترجمة عبد الله بن محمد العوفى المنسوب لعبد الرحمن بن عوف]
وأن عبد الله بن محمد بن عيسى بن محمد بن جلال الدين الجمالى أبو محمد العوفى- نسبة لعبد الرحمن بن عوف ﵁ أحد العشرة-القاهرى الشافعى مات فى رجب سنة خمس وأربعين وثمانمائة. ودفن بحوش سعيد السعداء، وكان أحد صوفيتها. أخذ عن البلقينى، والشمس بن القطان المصرى، والمحب بن هشام، والشهاب الأشمونى الحنفى وغيرهم، وتقدم فى العلوم وأذن له غير واحد من شيوخه بالإفتاء والتدريس، وناب فى القضاء وحمدت سيرته فيه، وكان عالما فقيها عادلا فى قضائه، متواضعا ساكنا وقورا، منجمعا عن الناس قانعا باليسير على قانون السلف، سريع الإنشاء نظما ونثرا، مذكورا بالولاية والسلوك والتقدم فى طريق القوم، ومن نظمه قوله:
ووعدتنى وعدا حسبتك صادقا … ومن انتظارى كاد لبى يذهب