وصورة ذلك كما قال بعضهم: إنه كان يصنع حلتان برسم الخليفة لأجل موكب ذلك اليوم: إحداهما للذهاب قيمتها ألف دينار. والأخرى:
للعود قيمتها ثلثمائة دينار وستة دنانير. ويصنع لأخى الخليفة ولأربعة من أقاربه، وللوزير وأولاده، حلل مكلفة خاصة برسم ذلك اليوم.
ويصنع أيضا خمسمائة قباء فاخرة لخمسمائة غلام، يكونون حوله فى الموكب. ويحضر لذلك اليوم أيضا جملة من الصوانى الذهب، عليها تماثيل على شكل الناس، والفيلة عليها ركابها، والأسود وأنواع الثمار، كل ذلك من العنبر والذهب والفضة والجواهر، وغير ذلك مما يشاكلها.
فإذا كان قبل الوفاء بيومين، خرج الخليفة من قصره فى موكبه المعتاد، مارا من داخل مصر العتيقة حتى ينتهى إلى ساحل مصر، فينزل من هناك فى سفينة معدة له والوزير معه حتى تنتهى إلى باب المقياس، فيدخل هو والوزير ويصلى كل منهما ركعتين، ثم يحضر له إناء فيه مسك وزعفران، فيتناوله بيده ويحرك ما فيه من المسك والزعفران حتى يذوب ويمتزج كل منهما بالآخر، وذلك هو المسمى «بالخلوق»، ثم يجئ صاحب المقياس ويأخذ هذا الإناء، وينزل به البركة التى فى وسطها عمود المقياس، فإذا انتهى إليه تعلق فيه برجليه ويده اليسرى، وأخذ الخلوق بيمينه، فطلى العمود به، وذلك هو «التخليق».
كل ذلك والخليفة قائم والقرآن يتلى أمامه، فإذا فرغ من ذلك، فتارة يعود الخليفة من حيث أتى، وتارة يعود فى البحر، والموكب يحاذيه فى البر حتى ينتهى إلى المقس، وفى ذلك اليوم يكون فى البحر ما ينيف على ألف سفينة مشحونة بالناس للفرجة والفرح لوفاء النيل. فإذا كان اليوم الثانى حضر صاحب المقياس إلى دار الخلافة لإعلان البشرى، فيكسى هو وأقاربه