للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعند ذلك قام المترجم بتدبير الأمور، واختفى إسماعيل بيك، ودخل منهم من دخل إلى مصر سرا، واستمر يدبر على إظهار ابن سيده، واستمال قلوب أرباب الحل والعقد، وأنفق الأموال، وعمل وليمة فى بيته جمع فيها محمد بيك جركس وباقى أرباب الحل والعقد، وأبرز لهم إسماعيل بيك ومن معه بعد المذاكرة والحديث، وتمموا أغراضهم، وعزلوا الباشا وأنزلوه من القلعة، وتأمرّ إسماعيل بيك، وظهر أمره كما كان، وتولى المترجم الدفتردارية فى سنة سبع وعشرين بعد انفصاله عن إمارة الحج، ثم عزل عنها واستمر أميرا مسموع الكلمة وافر الحرمة إلى أن مات فى سنة أربع وثلاثين ومائة وألف. ووقع له مع العرب وقائع كثيرة قتل فيها ألوفا منهم، فلذلك سمى بالجزار. (انتهى ملخصا)

ثم سكن بيته من بعده ابن سيده إسماعيل بيك المذكور، ولما سكن به جدده وصرف عليه أموالا عظيمة. قال الجبرتى: وكان منزله-أعنى إسماعيل بك-هو بيت يوسف بيك الذى بدرب الجماميز المجاور لجامع بشتاك المطل على بركة الفيل. ثم قال: وقد عمره وزخرفه بأنواع الرخام الملوّن، وصرف عليه أموالا عظيمة، وبعد قتله تخرّب، وصار حيشانا ومساكن للفقراء وطريقا يسلك منها المارّة إلى بركة الفيل، ولله عاقبة الأمور. (انتهى)

وقد ذكرنا ترجمة إسماعيل بيك هذا مع ترجمة والده إيواظ بيك الكبير عند الكلام على مدفن رضوان بيك أبى الشوارب الذى بشارع العشماوى.

ثم بعد مدّة كبيرة أنشأ فى مساحة هذه الدار الأمير سامى باشا المرلى (١) دارا كبيرة بعد ما اشترى ما كان هناك من الحيشان وغيرها. ثم بعد موت الأمير المذكور اشتراها الأمير مصطفى باشا-نجل المرحوم إبراهيم باشا سر عسكر-وهدم أغلبها وبناها بناء جديدا، فجاءت من أحسن المبانى فى الإحكام والإتقان، وغرس بها بستانا عظيما.

[مطلب تاريخ انتقال المدارس من العباسية إلى درب الجماميز]

والآن أخذها الميرى وجعل بها ديوان المعارف المصرية، وسبب ذلك أنى لما تعينت ناظرا على المدارس بعد الأمير شريف باشا كانت المدارس إذ ذاك بالعباسية وكانت التلامذة


(١) المرلى نسبة تركية إلى المورة التى بالمملكة اليونانية، وقد تقدّم فى ج ١ ص ٨٤ [طبعة أولى] بلفظ المرهلى.
أحمد تيمور