الحفر فيه سنتين وكل سنة تتبين الفائدة فيه، ويتضاعف من ارتفاع البلاد وخصوبتها ما يهون الغرامة عليه، ولما عرض على الأفضل جملة ما أنفق فيه استعظمه وقال: غرمنا هذا المال جميعه والاسم لأبى المنجى. فغير الاسم ودعى بالبحر الأفضلى فلم يتم ذلك ولم يعرف إلا بأبى المنجى.
[مبحث أبو المنجا]
ثم جرت بين أبى المنجى وأبى الليث صاحب الديوان بسبب ما أنفق، خطوب أدت إلى سجن أبى المنجى عدة سنين، ثم نفى إلى الإسكندرية بعد أن كادت نفسه تتلف، ولما طال اعتقاله بالإسكندرية فى مكان بمفرده مضيقا عليه، تحيل بكتب مصحف بخطه، ووضع عليه اسمه وبعث إلى السوق ليبيعه، فبلغ الأمر الخليفة فأحضره، وقال له: ما حملك على هذا؟ قال: طلب الخلاص بالقتل، فأدب وخلى سبيله.
وفى خلافة الآمر/بأحكام الله جعل لفتحه يوما كيوم فتح خليج القاهرة، وأمر ببناء قنطرة متسعة تكون من بحرى السد، وما زال يوم فتح هذا البحر يوما مشهودا إلى أن زالت الدولة الفاطمية، فلما استولى بنو أيوب من بعدهم أجروا الحال فيه على ما كان عليه، وكان يركب له السلطان، ولما لم يركب إليه الملك العزيز عثمان ابن السلطان صلاح الدين بنفسه، ركب إليه أخوه شرف الدين يعقوب الطواشى، وبدت فى هذا اليوم من مخايل القبط وخمورهم، ومنكراتهم ما لا مزيد عليه، واختلطت النساء بالرجال، ولما رفع الأمر إلى السلطان أرسل حاجبه ففرق منهم من وجده، ثم عادوا بعد عوده.
وفى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة باشر العزيز كسره وزاد النيل فيه إصبعا، وهى الإصبع الثامنة عشر من ثمانية عشر ذراعا، وهذا الحد يسمى عند أهل مصر اللجة الكبرى. قال: وقد تلاشى فى زمننا الإجتماع فى يوم فتح سد أبى المنجى. وقل الاحتفال به لشغل الناس بهمّ المعيشة.