«قام أمير الجيوش الفرنساوية بونابرت ومعه رؤساء الجيوش والكيخيا والباشا وجميع أعضاء ديوان مصر والقاضى وأغوات اليانشارية فى الساعة السادسة من الصباح، وتوجه إلى المقياس، وكان مجموعا هناك ناس كثيرون فوق التلال الموجودة على شاطئ النيل والخليج، والسفن مزينة مصطفة فوق النيل، والعساكر مصطفة أيضا بالانتظام تحت السلاح، وحين وصل الموكب إلى المقياس ضربت المدافع، وابتدأت المزيكات الإفرنجية والآلات العربية، بالألحان اللطيفة.
وابتدأ الشغالون فى قطع الجسر حتى قطعوه، فاندفع ماء النيل مع قوة وشدة، وحينئذ بذر أمير الجيوش بونابرت على الناس مبالغ من الميايدة، كل ثمانية وعشرين منها بقيمة فرنك من النقود الإفرنجية، ونثر أيضا قطعا من الذهب على أول سفينة دخلت من الخليج. ثم إنه كسا [المنادى](١) بنشا أسود، وكسا نقيب الأشراف - وهو السيد خليل البكرى، الذى نصبه أمير الجيوش بعد فرار السيد عمر مكرم - بنشا أبيض، ثم أنعم بثمانية وثلاثين قفطانا على أمراء البلد، ثم عاد بعد ذلك بالموكب إلى بركة الأزبكية.
وبقى الأمر على ذلك مدة السنين الثلاث التى أقاموها بالديار المصرية.
[[جبر الخليج فى عهد العائلة المحمدية العلوية]]
ولما منّ الله على الديار المصرية بحكومة العائلة المحمدية العلوية وأشرق نجم سرورها، وردت إليها رسومها الجميلة، وعوائدها الجليلة. وكانت قد اندرست بماطرأ عليها من الحوادث، ظهرت من غياهب الخفاء، وصارت تكسى حلل الرونق والكمال من فيض بحر العلوم والمعارف التى انتشرت بها، وصار يوم الوفاء يوما يبدو فيه للناظرين ما اكتسبه القطر وأهله من المزايا العلمية والعملية، فيكون فوق البحر وعلى الجانبين منه ما يعلن بفضل العزيز غارس هذه النعمة، وفضل أحفاده الذين تبعوه فى بث المعارف، ونشر ألوية