السيد محمد ابن السيد على الفقيه البقلى ابن السيد محمد الفقيه البقلى. ولد فى زاوية البقلى فى سنة ألف ومائتين وثلاثين تقريبا. وبعد أن ترعرع أدخله أهله المكتب ببلده، فتعلم الكتابة وشيئا من القرآن الكريم. ولما بلغ سنه تسع سنين أدخله أحمد أفندى البقلى مكتب أبى زعبل-أحد المكاتب الديوانية-فلبث فيه ثلاث سنين، أتم فيها قراءة القرآن. ثم أدخله المدرسة التجهيزية فى أبى زعبل أيضا، فمكث فيها ثلاث سنين. ولذكائه وحسن سيره كان قلفة فرقته. ثم أدخله مدرسة الطب تحت إدارة كلوت بيك، وهناك بذل جهده زيادة مع كهال القريحة، حتى فاق أقرانه. ولما صدر أمر العزيز محمد على بإرسال بعض التلامذة إلى باريس للتبحر فى العلوم الطبية وغيرها، انتخبه كلوت بيك مع أحد عشر من نجباء التلامذة الذين كانوا قد تمموا دراسة الطب-وكان بعضهم قد بلغ رتبة اليوزباشى-وكان مرتب، المترجم، مائة وخمسين قرشا، فترك لوالدته خمسين وأبقى لنفسه المائة. فدخل مدرسة باريس، وبذل غاية جهده فى تحصيل العلوم الطبية والجراحية، وشهد له جميع خوجاتها بالفوقان على من معه-مع كونه أصغرهم-، ولما تمموا جميع امتحاناتهم فى مدرسة الطب ولم يبق عليهم سوى تأليف رسالة طبية، ندبوا إلى مصر غلطا، بدون أمر العزيز، فأمر بعودهم ثانيا إلى باريس ليتحصلوا على الشهادة اللازمة، فكان المترجم ممن رجع، وألف هناك رسالة طبية فى الرمد الصديدى المصرى، وتحصل على الشهادة وعاد إلى مصر فى سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة وألف مسيحية. فألحق باسبتالية قصر العينى بوظيفة باش جراح وخوجه فى العمليات الجراحية كبرى وصغرى والتشريح الجراحى، برتبة صاغقول أغاسى. ثم بعد قليل أعطى رتبة البيكباشى. ثم صدر أمر المرحوم عباس باشا برفعه من قصر العينى، وجعله فى أحد أثمان المحروسة، لمنافسة حصلت بينه وبين بعض حكماء الاسبتالية الأوروباويين، فتعين فى ثمن قوصون، فصار أكثر الأهالى يأتون إليه، وقل الوارد على الاستبالية، واشتهر أمره جدا، فمكث كذلك نحو خمس سنين. ثم أنعم عليه برتبة قائم مقام، وجعل باش حكيم الآلايات السعيدية. فلم يلبث إلا قليلا ولزم بيته نحو سنة. ثم تعين فى الاسبتالية بوظيفة باش جراح وخوجة الجراحة بالقصر العينى، ووكيل رياسة