الصحو وأخذ عن والده وأقام طريقته من بعده، وصار عالما هماما، وأطعم الفقراء، وزادت تلامذته، وكان يقيم كل سنة أربعة أشهر فى ثغر الإسكندرية، ولم يزل على حالة حسنة إلى أن توفى ودفن بجوار والده. وقد نظم تاريخ موته بعض تلامذته فقال:
مات مولانا سعيدا … لا يرى فى الحشر ضيرا
قلت حقا فى تاريخ … قد جزاه الله خيرا
وترك من الأولاد ثلاثة ذكور: عليا، وصالحا، وعبد الرحمن، وأنثى واحدة، وقام مقامه ابنه الشيخ على إلى أن مات فدفن بهذه الزاوية أيضا انتهى.
ويعمل للأستاذ الخضيرى مولد كل سنة فى شهر ذى القعدة، وقد نقله الشيخ أحمد تاج الدين إلى شعبان، ثم حوله السيد محمد قاسم إلى ذى القعدة ثانيا، ويستمر نحو عشرة أيام.
[جامع الخطيرى]
هو فى بولاق القاهرة. كان موضعه مغمورا بماء النيل ثم انحسر عنه الماء، وصار بعد سنة سبعمائة منتزها به زروع، ثم بنى دارا تشرف على النيل عرفت بدار الفاسقين لكثرة أنواع المحرمات فيها، ثم اشتراها الأمير عز الدين أيدمر الخطيرى وبنى مكانها هذا الجامع وسماه «جامع التوبة» وتأنق فى عمارته ورخامه فجاء من أجل جوامع مصر، وعمل له منبرا من رخام فى غاية الحسن، وجعل به شبابيك تشرف على النيل وخزانة كتب جليلة، ورتب به درسا للشافعية، ووقف عليه أوقافا، وجملة ما أنفق فيه أربعمائة ألف درهم نقرة، وكمل فى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة وأقيمت فيه الجمعة حينئذ، ثم قوى البحر عليه وهدمه، فأعاده ورمى قدام زريبته ألف مركب مملوءة بالحجارة، ثم انهدم بعد موته وأعيدت زريبته.
[ترجمة الخطيرى]
وكان أيدمر الخطيرى مملوك شرف الدين أوحد بن الخطيرى الأمير مسعود بن خطير انتقل إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون فرقاه حتى صار أحد أمراء الألوف، وكان منور الشيبة كريما، يحب التزوج الكثير والفخر، وكان لا يلبس قباء مطرزا ولا مصقولا، وكان يخرج الزكاة. مات رحمه الله تعالى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، ودفن بتربته خارج باب النصر.
ولم يزل هذا الجامع مجمعا يقصد للنزهة على النيل، ويرغب فى السكنى بجواره، ثم انحسر ماء النيل عما تجاهه سنة ست وثمانمائة وصار رملة، وتكاثر الرمل تحت شبابيك الجامع وقربت