للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المدة الثانية]

وهى سنة ١٩٣؛ ومن حين استيلاء الفرس على هذه الديار إلى دخول إسكندرية وتغلبهم على مصر، لم ير فيها غير فتن داخلية أضرت بالقطر، وترتب عليها فقر الأهالى وإهانة العلم وأهله، ولم يلتفت إلى أهمية موضع إسكندرية أصلا، وبقيت قرية (رقودة) خامدة الذكر. ومن النصر المتتابع للجيوش الرومية فى محاربتها جيوش الفرس قويت شوكتهم، وعظمت صولتهم، وزادت شهرتهم، وأخذت شجرة العلم التى غرسها المصريون فيهم تتسع وتعظم تبعا لعظم قدرهم.

وعلى قدر عز الروم ذلك الفرس وتفرقت بها الفتن، واضمحل حالها، وساقها إلى الزوال سوء/تدبيرها. ولما حلّت الأروام محل الفرس أقاموا زمنا طويلا منفردين بالحكم على باقى الأمم.

ثم انحطت دولة الروم بمثل الأسباب التى كانت للفرس، ولمجاورة روما لهذه الأمة كانت تقتبس من معارفها، وتتحلى بفضائلها، حتى صارت تأخذ الروم فى التقهقر إلى أن ظهرت ظهورها، وأخذت جميع ذكرها وملكها.

[المدة الثالثة]

وهى سنة ٣٠٢؛ فى تلك المدة زال ملك الأكاسرة من آسيا بالكلية، ودخلت مصر فى ضمن فتوحات الإسكندر سنة ٣٢٢ قبل الميلاد، بعد قمبساس بقرنين تقريبا، ونشأ عن هذا الانقلاب تغير كلىّ فى أحوال جميع الأمم المتمدينة (١) التى تغلب عليها الإسكندر؛ لأنه


(١) فى الأصل: بالمتدينة.