وكان مفصولا عن الجامع برحبة، واليوم محل هذا الإصطبل شارع الشنوانى وما عليه من المبانى والأزقة، وجعل أمام الجامع من الجهة الغربية رحبة متسعة، وكان يشرف على الاصطبل أحد القصور المسمى بقصر الشوك.
وجعل من جملة القصر الكبير التربة المعزية، وفيها دفن المعز لدين الله آباءه الذين أحضر معه أجسادهم فى توابيت من بلاد المغرب كما تقدم، وهم عبيد الله المهدى، وابنه القائم بأمر الله أبو القاسم محمد، وابنه المنصور بنصر الله أبو الظاهر اسماعيل، واستقرت مدفنا للخلفاء وأولادهم ونسائهم، وكانت تعرف بتربة الزعفران، وهى مكان كبير من جملتها الخط الذى كان يعرف قديما بخط الزراكشة العتيق، ويعرف اليوم بخان الخليلى.
وكانت هذه التربة تمتد إلى المدرسة البديرية خلف المدارس الصالحية النجمية، وبها إلى اليوم بقايا من قبورهم. وكان لهذه التربة عوائد ورسوم منها أن الخليفة كلما ركب بمظلة وعاد إلى القصر لا بد أنه يدخل إلى زيارة آبائه بهذه التربة، وكذلك لا بد أن يدخل فى يوم الجمعة دائما، وفى عيدى الفطر والأضحى مع صدقات ورسوم ذكرها المقريزى.
وبقيت هذه التربة محترمة مقامة الشعائر الأزمان الطويلة أيام دولة الفاطميين وارتفاع شأنها إلى أن اضمحلت أحوالهم وضعف أمرهم، فاضمحلت باضمحلالهم.
ولما كانت الشدة العظمى فى زمن الخليفة المستنصر وطلب عساكر الأتراك منه النفقة فما ظلهم، هجموا على هذه التربة وانتهبوها فى ضمن ما انتهبوه، على ما بينه المقريزى فى خططه، فأخذوا ما فيها من قناديل الذهب، وكانت قيمتها، مع ما اجتمع إليها من الآلات الموجودة هناك مثل المداخن والمجامر وحلى المحاريب وغير ذلك، خمسين ألف دينار. ثم لما زال ملكهم، وانقرضوا، وتداولت الأيام والدول، وأنشأ الأمير جهاركس الخليلى فى خط الزراكشة المقدم ذكره أيام الناصر بن قلاوون خانه المعروف بخان الخليلى نسبة إليه، أخرج من هذه التربة ما شاء الله من عظامهم، فألقيت فى المزابل على كيمان البرقية.
[[مصلى العيد]]
وبنى جوهر أيضا مصلى العيد خارج باب النصر، وكان الفراغ من بنائه فى شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وثلثمائة، ثم جدّده العزيز بالله. وكان للفاطميين رسوم وعادات فى صلاة العيد فى المصلى المذكور، تكلم عليها المقريزى وأطنب، وبعض المصلى باق إلى الآن، وبه محراب قديم، وأكثره صار مقابر، ومن زمن مديد يطلق على مصلى العيد المذكور اسم مصلى الأموات، وكثيرا ما نجد هذا الاسم فى الكتب، وقد استوفينا بيان ذلك فى محله.