هو بحارة بين السيارج المعروفة قديما بحارة بهاء الدين قراقوش، وبحارة الوزيرية، والريحانة، فى جهة باب الفتوح على يسرة السالك من رأس الحارة إلى قنطرة باب الشعرية، بجوار دار الشيخ أحمد التميمى الخليلى الذى كان مفتى الحنفية بالديار المصرية. وذكره المقريزى بعنوان مدرسة البلقينى، ولكن لم يذكرها فى المدارس.
وهذا الجامع عامر مقام الشعائر والجمعة والجماعة وله أوقاف جارية عليه، وكان إنشاؤه فى حياة الشيخ سراج الدين البلقينى أبى حفص عمر بن رسلان المنعوت بكونه مجددا فى المائة الثامنة، وبجوار ضريحه ضريح ابنه الشيخ صالح بن عمر البلقينى، وكلاهما مترجم فى الكلام على ناحية بلقينة بمديرية الغربية، ويعمل به لهما مولد كل سنة، وبه أيضا قبر الأديب حسن أفندى الدرويش.
[ترجمة حسن أفندى المعروف بالدرويش]
قال الجبرتى فى حوادث سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف: إنه مات بها النجيب الأديب، والنادرة العجيب، أعجوبة الزمان، وبهجة الخلان، حسن أفندى المعروف بالدرويش الموصلى الذكى الألمعى، والسميدع اللوذعى، كان إنسانا عجيبا شهيرا طاف البلاد والنواحى، وجال فى الممالك والضواحى، واطلع على عجائب المخلوقات، وفهم الكثير من الألسن واللغات، ويعزى لكل قبيل، ويخالط كل جيل، فمرة ينسب إلى فاس، ومرة ينسب إلى بنى مكناس، فكأنه المعنى بما قيل:
طورا يمان إذا لاقيت ذا يمن … وإن رأيت معديا فعدنان
هذا مع فصاحة لسان، وقوة جنان، ومشاركة فى الرياضيات، والأدبيات، حتى يظن سامعه أنه مجيد فى ذلك، وليس الأمر كذلك، وإنما هو لقوة الحفظ والفهم والقابلية، فيستغنى بذلك عن التلقى من الأشياخ، فيحفظ اصطلاحات الفن وأوضاع أهله ويبرزه فى ألفاظ ينمقها ويحسنها، ويذكر أسماء كتب وأشياخ وحكما يقل الاطلاع عليها، ولمعرفته باللغات خالط كل ملة، حتى يظن أهلها أنه واحد منهم، ويحفظ كثيرا من الشبه والمدركات العقلية والبراهين الفلسفية، ولزلق لسانة فى بعض المجالس بغلطات ووساوس طعن الناس عليه فى الدين، وأخرجوه عن اعتقاد المسلمين، وساءت فيه/الظنون، وصرحوا بعد موته بما كانوا يخفونه فى حياته اتقاء شره، إذ كان له تداخل عجيب مع الأعيان ومع أهل كل دولة ورؤساء الكتبة والمباشرين من الأقباط والمسلمين بالمعزة الزائدة واستجلاب الفائدة،