للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى تاريخ الجبرتى من حوادث سنة إحدى ومائتين وألف: أن الأمير أحمد جاويش وضع فى خزانة هذا الجامع كتبا نفيسة فى علوم شتى وجعلها وقفا فى حال حياته تحت يد الشيخ موسى الشيخونى الحنفى.

[ترجمة احمد جاويش]

وهذا الأمير هو أحمد جاويش أرنؤدباش اختيار وجاق التفكجية كان من أهل الخير والصلاح عظيم اللحية منور الشيبة مبجلا عند عظماء الدولة يندفع فى نصرة الحق والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وكان مسموع الكلمة يحترمونه لجلالته ونزاهته عن الأغراض، وكان حبه فى أهل الفضل زائدا يحضر دروس العلماء ويزورهم ويقتبس أنوار علومهم، ويذهب كثيرا إلى سوق الكتبيين ويشترى الكتب ويوقفها على طلبة العلم، واقتنى كتبا نفيسة وقفها بالجامع المذكور سمع على السيد مرتضى صحيح البخارى /ومسلم وأشياء كثيرة.

وبالجملة؛ فكان من خيار الناس توفى فى شهر شوال من سنة إحدى ومائتين وألف رحمه الله تعالى.

وفيه أيضا من حوادث سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف: أن الشيخ أحمد الطحطاوى الحنفى نودى لوقف الشيخو نيتين واستخلاص أماكنهما وجمع إيرادهما؛ فشرع فى تعمير هما وساعده على ذلك كل من كان يحب الإصلاح فجدد عمارة المسجد وأنشأ بها صهريجا، وفى أثناء ذلك انتقل بأهله إلى دار مليحة بجوار المسجد بالدرب المعروف بدرب الميضأة وقفها بانيها على المسجد، انتهى.

وإلى الآن هذان الجامعان من أحسن جوامع مصر باقيان على صورتهما الأصلية:

بناؤهما بالحجر الآلة ولكل منهما منارة حسنة فوق بابه مشرفة على الشارع، وللجامع القبلى بابان مكتوب على أحدهما وهو الموصل إلى مساكن الصوفية وفوقه المنارة نقشا فى الحجر: ﴿(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ)(١) وبأعلاه لوح رخام منقوش فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ)،﴾ الآية (٢). وبعد ذلك مكتوب:

أمر بإنشاء هذا المكان المبارك والموطن الذى يربو العمل فيه ويبارك العبد الفقير إلى ربه جلّ وعلا وتبارك المستغرق فى بحر نواله المغترف من أفضاله الأمير شيخو العمرى،


(١) سورة الحجر: ٤٥ والذاريات: ١٥
(٢) سورة النور: ٣٦