وأما أبو دفية المذكور فهو من الأمراء المصريين، ترجمه الجبرتى فقال: هو الأمير سليمان أغا أبو دفية القاسمى، مملوك خليل أغا تابع محمد بيك قطامش أغات باب العزب سابقا
وخليل أغا هذا هو الذى انتدب لقتل ذى الفقار بيك، وتزيا بزى أوده باشا البوابة، وكان شبيها به فى الصورة، وتحيل وأخذ معه نحو السبعين نفرا من القاسمية ومعهم المترجم، ودخلوا إلى بيت ذى الفقار وهم يقولون: قبضنا على أبى دفية. وكان ذو الفقار المذكور يريد قتله لحقد بينهما، وكان وقت دخولهم عليه جالسا بمقعد بيته مشمرا ذراعيه يريد الوضوء لصلاة العشاء، فلما وقفوا بين يديه قام على قدميه وقال: أين أبو دفية؟ فقال خليل أغا:
ها هو، وكان مغطيا رأسه وبيده قرابانة، فكشفوا رأسه فأراد ذو الفقار أن يوبخه، فأطلق أبو دفية القرابانة فى بطن ذى الفقار، وأطلق باقى الجماعة ما معهم من الطبنجات، فانعقدت الدخنة بالمقعد، ونزلوا على الفور.
وهذه هى الحيلة التى عملها خليل أغا أستاذ المترجم على قتل ذى الفقار بيك المذكور، ثم كانت الدائرة عليهم فقبضوا على خليل أغا وقتلوه، وكذلك عثمان أغا الرزاز، وكان بيته على الخليج-ومحله الآن البيت الكبير الذى على قنطرة باب الخرق المملوك لعبد الشافى التراب- وأما ما كان من شأن المترجم، فإنه ذهب إلى بيت مقدمه، ولبس زى بعض القواسة، وركب فرسه، وخرج فى وقت الفجر إلى جهة الشرقية، وذهب مع القافلة إلى غزة، ثم إلى الشام، وسافر منها إلى إسلامبول، ثم سافر إلى التترخان، فأعطى منصبا، وعمل مرزة، وتزوج بقونية، ولم يزل هناك حتى مات بعد سنة أربعين ومائة وألف. (انتهى).
[[دار الست البارودية]]
وفى مقابلة تلك الوكالة الدار المعروفة بدار الست البارودية بجوار دار الأمير سليمان أغا الوكيل-أحد الأمراء المصريين-وهى دار كبيرة جدا بداخلها حديقة متسعة. قال الجبرتى: وهذه الدار جعلت ديوانا للفردة فى أيام الفرنساوية، والآن جار تجديدها بمعرفة محمود باشا البارودى لأنها آلت إليه من جهة أمه، فهدم بابها، وعمل لها بابا عظيما مرتفعا، وجعل بعقوده ووجهته نقوشا غريبة وتقاسيم عجيبة جميعها فى الحجر النحيت.