الخشب، ويتفنن فى جنس خشبها وهيئتها، وربما لقمت بالعاج والأبنوس ومواد معدنية على هيئات كثيرة، فاستعوضت بالأبواب الحشو، واستعوضت الضبب بالكوالين، وبطلت الرفوف والدواليب التى كانت تعمل فى سمك الحائط ويتفنن فى عملها، وربما عملت بالخردة ونحوها، ويضعون عليها أنواع الصينى للزينة والمباهاة.
ولما كثر دخول الإفرنج فى هذه الديار، بعد إحداث السكك الحديدية فيها، أخذت صور المبانى تتغير، فبنى كل منهم ما يشبه بناء بلده، فتنوعت صور المبانى وزينتها، وزخرفتها، وكذا تغيرت المفروشات الثمينة، والسجادات الهندية والعجمية والتركية، بالمفروشات الإفرنجية والتركية، وتغيرت كذلك الملبوسات وأوانى الأكل والشرب وغيرهما.
ولرغبة الناس فى البضائع الإفرنجية لرخصها قل ورود الهندية والعجمية، وكثرت البضائع الإفرنجية، واستبدلت أوانى النحاس بالصينى، ومسارج الصفيح والشمع الكريه الرائحة بشمع المنّ الأبيض وبالفوانيس الزجاج وشمع دانات البللور والمعدن الحسنة الشكل البهيجة المنظر.
وبالجملة فمن يدخل القاهرة الآن وكان قد دخلها من قبل أو قرأ وصفها فى كتب من وصفوها فى الأزمان السالفة، فلا يرى أثرا لما ثبت فى علمه، ويرى أن التغير كما حصل فى الأوضاع والمبانى وهيئاتها حصل فى أصناف المتاجر وفى المعاملات والعوائد وغيرها من أحوال الناس.
***
[مطلب تقسيم القاهرة وتوابعها الى ثمانية أثمان مع بيانها]
ولسهولة الضبط والربط انقسمت القاهرة إلى ثمانية أثمان، وكل ثمن ينقسم شياخات تكثر وتقل بالنسبة لكبر الثمن وصغره، ولكل ثمن شيخ يعرف بشيخ الثمن، مرتبه شهريا من المحافظة مائة قرش صاغ، ولكل شياخة شيخ يعرف بشيخ الحارة ليس له مرتب من المحافظة، وإنما تكسّبه يكون من النقود التى يأخذها برسم الحلوان من سكان الأملاك التى فى شياخته، لأن العادة أن من أراد أن يؤجر بيتا فى حارة من الحارات يكون ذلك بمعرفة شيخ الحارة، وبعد تأجيره للبيت يدفع له أجرة شهر برسم الحلوان.
والحكومة تستعين بهم فى توزيع الفردة والطلبات، ويظهر مما كتبه الجبرتى أن هذا الترتيب لم يحصل إلا فى زمن الفرنساوية، فهم الذين وضعوه، وبقى مستعملا من بعدهم