ولأجل الوقوف على ما اشتملت عليه الأراضى المجاورة لثغر الإسكندرية، أمر باستكشاف ما حوله حيث كان لذلك دخل فى المحافظة، فكشف سواحل البحر من الإسكندرية إلى العريش ومنها إلى مطروح، وكشف بحيرة مريوط إلى حدود المزارع من مديرية البحيرة، وإلى حدود الأرض المرتفعة من جهة وادى النطرون وسيوة، وجميع الجزائر التى بالبحيرة، وعمل لكل ذلك رسوم، وظهرت الآبار والسواقى القديمة-المكشوفة وغيرها-والآثار والرؤوس، والمين، والمرتفع والمنخفض من الأرض، والطرق التى كانت تصل إلى الإسكندرية من كل جهة.
واهتم أيضا بكشف الصهاريج التى بداخل الإسكندرية وخارجها، وما تشتمل عليه، وقدر ما تسعه من الماء والمجارى التى توصل الماء إليها، وصار التنبيه على أصحاب الأملاك أن لا يتلفوا شيئا من ذلك ولا يتصرفوا فيه، وجعل لذلك قوانين معمولا بها إلى الآن، وكانت قد بطلت مدة فنشأ عن بطلانها تصرف أصحاب الأملاك فى كثير منها بالنقض والهدم.
وحيث كان الماء من أهم لوازم المينا، ولا يستغنى عنه زمنا ما، لا سيما لو فرض حصول محاصرة تقطع ماء المحمودية عن الثغر، صدرت أوامره السنية بعدم التعرض للصهاريج بوجه ما، والرجوع إلى تلك القوانين، فامتنع الناس من هدمها، ولا يخفى أهمية ذلك فإن تلك الصهاريج مبنية من قرون عديدة ولا شك أنها صرفت فيها أموال جسيمة، وهى من الآثار القديمة التى نوه التاريخ بقدرها وأهميتها/بالنسبة لهذه المدينة لبعدها عن النيل، والماء الواصل إليها من الخليج يمر فى وسط بحائر ملحة ومنحطة، وفى أى وقت يمكن صرفه إلى البرارى أو البحر وحرمان المدينة منه، فيقع أهلها فى الضرر، وتفارقها العمارية مع أنها مفتاح القطر، فلم يكن أهم مما يوصل إلى عماريتها وراحة أهلها.