ولم يزل ملتفتا إلى الاستحكامات والقلاع والحصون، عازما على إتمامها، فيلحق بها ما يلزم من الورش والبطاريات الطوبجية وقشلاقات العساكر المحافظين، والإسبتاليات وغير ذلك، حتى انتظم أكثر القلاع التى كان جده وعمه مهتمين بها، وبنيت ورشة للطوبجية فى وسط المدينة فى شرقى المحل المعروف بكوم الناضورة، طولها مائتا مترفى مثلها عرضا، مشتملة على جميع محلات التشغيل: كمحلات النجارة، والحدادة، والبرادة، والسبك، وغير ذلك كالمخازن، وجلب لها جميع آلات التشغيل والعمال والمعلمين، فصارت من أحسن ما يعمل من هذا القبيل، وعمل بها عدة بطاريات، يعمر بها كثير من آلات السواحل وغيرها، ثم أبطلها المرحوم سعيد باشا، وأمر ببيع أرضها للأهالى، فبنيت منازل وغير ذلك، ومن ضمنها الآن: حمام هلندى.
وأنشئت القشلاقات داخل الطوابى فمن ذلك: قشلاق فى طابية الأداء لإقامة خمسمائة عسكرى، وقشلاق فى قلعة أم كبيبة كذلك، وقشلاق فوق باب الصورى المعروف بباب محرم بيك لإقامة أورطة من العساكر.
ولما أنشئت سكة الحديد الواصلة إلى الرمل مرت فى وسط القشلاق فقسمته نصفين والآن به عساكر محافظة الضبطية، وبنى الاسبتاليا الملكية فى حوش مقابر اليهود بجوار المسلة المعروفة بمسلة كيلوبترا، ووفّاها جميع لوازمها من مفروشات وملبوسات وأدوية وآلات، وجعل بها أجزاخانة وبيتا لتركيب الأدوية، ونوّع محلاتها بحسب أنواع الأمراض والعلل، ورتّب لها حكماء وجراحجية فجاءت من أحسن الإسبتاليات، وحصل بها النفع العام، وصار يدخلها الأهالى والغرباء للتداوى بدون مقابل، واستمرت على ذلك حتى هدمتها سكة حديد الرمل أيضا، والآن عمل من فيض المكارم الخديوية إسبتاليا عوضا عنها فى محل قريب منها.