للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكثرة والجودة، فهذا هو الداعى الأكبر من قديم الزمان إلى الآن للتهجم على القبور والمعابد والبرابى والأماكن المقدسة.

[(فتح الخليفة المأمون للثلمة التى فى الهرم)]

وفى خطط المقريزي قال أبو الحسن المسعودى فى كتابه «أخبار الزمان ومن أباده الحدثان»: إن الخليفة عبد الله المأمون بن هارون الرشيد لما قدم مصر، وأتى على الأهرام، أحب أن يهدم أحدها ليعلم ما فيها، فقيل له: إنك لا تقدر على ذلك، فقال: لا بد من فتح شئ منه، ففتحت له الثلمة (١) المفتوحة الآن بنار توقد وخل يرش ومعاول وحدادين يعملون فيها، حتى أنفق عليها أموالا عظيمة، فوجدوا عرض الحائط قريبا من عشرين ذراعا، فلما انتهوا الى آخر الحائط وجدوا خلف الثقب مطهرة خضراء فيها ذهب مضروب، وزن كل دينار أوقية، وكان عددها ألف دينار، فجعل المأمون يتعجب من ذلك الذهب ومن جودته، ثم أمر بحسب جملة ما أنفق على الثلمة، فوجدوا الذى أصابوا لا يزيد على ما أنفقوه ولا ينقص، فتعجب من معرفتهم بمقدار ما ينفق عليه، ومن تركهم ما يوازيه فى الموضع عجبا عظيما.

وقيل إن المطهرة التى وجد فيها الذهب كانت من زبرجد، فأمر المأمون بحملها إلى خزانته. وكان ما عمل من عجائب مصر، وأقام الناس سنين يقصدونه، وينزلون فى الزلاقة (٢) التى فيه، فمنهم من يسلم، ومنهم من يهلك، فأنفق عشرون من الأحداث على دخوله، وأعدوا لذلك ما يحتاجون من طعام وشراب وحبال وشمع ونحوه، ونزلوا فى الزلاقة فرأوا فيها من الخفاش ما يكون كالعقبان (٣) يضرب وجوههم، ثم أنهم أدلوا أحدهم بالحبال، فانطبق عليه المكان، وحاولوا جذبه حتى أعياهم، فسمعوا صوتا أزعجهم فغشى/


(١) الثلمة فى الحائط ونحوه: الخلل محل الكسر من المكسور. المنجد.
(٢) الزلاقة: الصخرة الملساء: القاموس المحيط.
(٣) عقبان: جمع عقّاب، وهو طائر من الجوارح يطلق على الذكر والأنثى، قوى المخالب، وله منقار أعقف. المنجد.