المذكورة طلع جهاز خوند الخاصبكية إلى القلعة، فشق من الصليبة، وكان يوما مشهودا.
وفى يوم الخميس سابعه صعدت خوند الخاصبكية إلى القلعة فخرجت من بيتها الذى بقنطرة سنقر وهى فى محفة زركش، ومشت قدامها رؤوس النوبة والحجاب والخاصكية وهم بالشاش والقماش، ومشى أيضا قدّامها الوالى ونقيب الجيش وعبد اللطيف الزمام وأعيان الأكابر والمباشرين، منهم كاتب السر صلاح الدين بن الجيعان، وناظر الجيش، وناظر الخاص، وبقية المباشرين وأعيان الطواشية، وكان معها نساء الأمراء والأعيان نحو مائتى امرأة، فلما وصلت إلى باب الستارة فرشت لها الشقق الحرير تحت حوافر بغال المحفة، ونثر عليها خفائف الذهب والفضة، وحمل الزمام القبة والطبر على رأسها حتى جلست بقاعة العواميد، والنقارية السلطانية عمالة، وكان يوما مشهودا واستمر ذلك ثلاثة أيام. (انتهى).
[ترجمة يوسف بيك الجزار]
ثم إن هذه الدار تنقلت من الأيدى إلى أن صارت فى سنة ثلاث وعشرين ومائة وألف فى يد الأمير يوسف بيك الجزار، وهو-كما فى الجبرتى-الأمير الجليل يوسف بيك المعروف بالجزار تابع الأمير الكبير إيواظ بيك. تقلد الإمارة والصنجقية فى سنة ثلاث وعشرين ومائة وألف أيام الواقعة الكبيرة بعد قتل أستاذه من قانصوه بيك قائم مقام إذ ذاك، وكانت له اليد البيضاء فى الهمة والاجتهاد والسعى فى أخذ ثأرسيده، والقيام الكلى فى خذلان المعاندين، وجمع الناس، ورتب الأمور، وركب فى اليوم الثانى من قتل سيده وصحبته إسماعيل بيك ابن سيده وأتباعه، وطلع إلى باب العزب، وفرق فيهم عشرة آلاف دينار، وأرسل إلى البلكات الخمسة مثل ذلك، وجرّ المدافع، وخرج بمن انضم إليه إلى ميدان الحرب بقصر العينى، وحارب محمد بيك الصعيدى وطائفته ومن بصحبته من الهوارة حتى هزمهم وأجلاهم عن الميدان إلى السواقى، واستمر يخرج إلى الميدان فى كل يوم ويدبر الحروب، حتى تم له الأمر بعد وقائع وأمور كثيرة، وتقلد إمارة الحج وطلع بها فى تلك السنة، وتقلد قائم مقامية فى سنة ست وعشرين ومائة وألف عن عابدى باشا.
ولما حقدوا على إسماعيل بيك ابن سيده ودبروا على إزالته فى أيام رجب باشا أخرجوا المترجم ومن معه بحجة وقوف العرب، وقتلوا من كان منهم بمصر وأخرجوا لهم تجريدة.