الناس إليه بسببه، وصار الرجوع فيه إليه مع مزاحمته للأدباء قديما ونظره فى كتب الأدب ومتعلقاتها، حتى إنه قال فى سقوط منار المؤيدية:
يقولون فى ميل المنار تواضع … وعيب وأقوال وعندى جليها
فلا البرج أخنى والحجارة لم تعب … ولكن عروس أثقلتها حليها
وقال أيضا.
بجامع مولانا المؤيد أنشئت … عروس سمت ما خلت قط مثالها
ومذ علمت أن لا نظير لها انثنت … وأعجبها والعجب عنا أمالها
وحج فى سنة ثلاثين ودخل إسكندرية وغيرها، وناب فى القضاء بآخره عن العلم البلقينى، مع الاستقرار به فى أمانة الحكم ونظر الأوقاف الحكمية. وكان فاضلا ضابطا ذكيا مشاركا فى الفنون كلها، ولكنه كان مسرفا على نفسه منهمكا فى لذاته، ويقال إنه أقلع قبل مماته بيسير، وأرجو له ذلك رحمه الله تعالى.
[ترجمة عبد الرحمن بن على المعروف بابن الملقن]
وأن عبد الرحمن بن على بن عمر بن أبى الحسن على بن أحمد بن محمد الجلال أبى هريرة بن النور أبى الحسن بن السراج أبى حفص الأنصارى الأندلسى الأصل المصرى الشافعى المعروف بابن الملقن مات فى صبيحة يوم الجمعة ثامن شوال سنة سبعين وثمانمائة، ودفن بحوش سعيد السعداء عند أسلافه، وكان إنسانا حسنا ذا سكينة ووقار وسمت حسن وحظ حسن، مع التواضع والديانة والعفة والانجماع عن الناس وحسن السيرة، ومزيد العقل والتودد وتقدمه فى الشهرة والتصدق سرا، أخذ عن العراقى، والهيتمى، والجلاوى، وابن أبى المجد، والزين العراقى، والصدر المناوى، والكمال الدميرى وآخرين، وأجازوا له، وناب فى عدة دروس، وكذا ناب فى القضاء عن الشمس الإخنائى، وقرره الأشرف إينال فى نظر البيمارستان لكونه كان من جيرانه والمختصين بصحبته قبل سلطنته، فباشره برفق ولين مدة تقرب من أربع سنين، ثم أعرض عنه والتمس من السلطان إعفاءه، وراجعه مرة أخرى إلى أن أجيب وعد ذلك من وفور عقله، وحدّث باليسير وسمع منه الأئمة-رحمه الله تعالى.