ومن ذلك يعلم أن (بطليموس فيلاماتور) أراد أن يفعل بحكومة ملك الشام ما أراد فعله ملك الشام قبله بحكومته، فخاب قصد كل منهما. وبعد ذا بقليل مات بطليموس سنة ١٤٥ قبل الميلاد، وبعد ما بلغه موت إسكندر بثلاثة أيام جلس على التخت، ولقب نفسه بالمحسن، ولقبه أهل الإسكندرية بالمسئ؛ لأنهم يعرفونه قبل بالفسق والقسوة.
والذى مكنه من الجلوس على التخت: أن بطليموس لم يترك غير ولد صغير، وهو الحقيق بالجلوس، لكنه أبعده وجلس هو. لكن شرط عليه أهل الإسكندرية شروطا منها:
بأنه يتزوج بأخته زوجة أخيه، وأن يكون ابن أخيه ولىّ عهده، فأظهر القبول وفى يوم زفاف زوجة أخيه له، ذبح ولدها فى حجرها، فلما رأى أهل البلد ذلك قاموا عليه، فهرب إلى جزيرة رودس، فتنصبت بعده زوجته.
ثم بعد ذلك بمدة رجع وطلقها، وقدم لها على المائدة قطع ولدها التى كانت أتت به منه، وتزوج بإبنة أخيه (فيلاماتور) وبقى بعد ذلك يتنوع فى الفجور إلى أن مات قبل الميلاد سنة ١١٧.
ومدة تملكه، كانت تسعا وعشرين سنة، ولم تنقطع الفتن فيها.
وذكر بعض المؤلفين، أنه ألف تاريخا لمصر، لم تعثر الناس منه إلا على القليل.
وأعقب من ابنة أخيه ولدين-غير ولد له من السفاح-كان أعطاه بلاد القيروان، ومات هذا الولد ولم يعقب، وكان قد أوصى ببلاد القيروان للرومانيين، فوضعوا عليها أيديهم، وبهذه الطريقة كان أخذها من البطالسة، وصارت من هذا العهد من ضمن ملك الرومانيين، وبسبب قوبها من الديار المصرية، ازداد تداخلهم فى أمور مصر وقوى طمعهم فيها.
[مطلب بطليموس الأصغر]
وكانت الملكة كليوباترا ممتثلة لجعل الملك لأصغر ولديها بطليموس إسكندر، وكان أهل الإسكندرية لا يوافقونها على ذلك، بل يميلون إلى الأكبر، فوافقتهم على ذلك ظاهرا