للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم تغير الحوادث التى طرأت على القطر وغيرت محاسنه رغبة الناس فى التعلم واكتساب أولادهم حسن التربية. ومن ذلك وعدم إمكان قبول كل الراغبين فى المدارس الميرية على سننها القديم قد جعلت فى قانونها الجديد التلامذة داخلية وخارجية، وفرضت عليهم مبالغ فى مقابلة التعليم فوق طاقة الفقراء منهم، وإن قدر عليها أهل الثروة، فالرغبة فى دخول المدارس الميرية قليلة، لانقطاع الأمل من الانتفاع بثمرات التعليم، فعدم رجاء اجتناء الثمر يصد المرء عن غرس الشجر.

***

[مطلب عدد الأضرحة]

والموجود الآن بالقاهرة من الأضرحة مائتان وأربعة وتسعون ضريحا، بعضها داخل مزارات، وله خدمة، والبعض داخل بيوت، وفى زوايا الحارات والعطف، وهى إما قبور أمراء أو صالحين، وقد ترجمنا بعض من وقفنا على ترجمته منهم.

ويوجد بالقاهرة أيضا - غير هذه الأضرحة - مائتان وخمس وعشرون زاوية، والمقريزى لم يترجم سوى ست وعشرين زاوية، وترجم لاثنين وخمسين مسجدا، منها بالقرافة الكبرى - التى كان بها جامع الأولياء وذكرنا أن محله الآن الحوش المعروف بحوش أبى على - ثلاثة وثلاثون مسجدا، والباقى داخل البلد، وترجم خمسة عشر مسجدا بالقرافة الصغرى، التى بها قبر الإمام الشافعى ، فيكون مجموع المساجد والزوايا ثلاثة وتسعين.

(أقول): ولا يبعد أنه مع تقلب الأزمان اندثر اسم المساجد، واستبدل باسم الزوايا، أو صار من بعض الزوايا الموجودة الآن.

ومن ابتداء القرن التاسع إلى وقتنا هذا كثر بناء الزوايا، حتى بلغت العدد السابق، ولا أدرى إن كانت السبعة عشر رباطا، التى تكلم عليها المقريزى هى من ضمن ذلك أم لا، منها خمسة بالقرافة، والباقى فى البلد وضواحيها.

وفى الأزمان السابقة كانت الزوايا لإقامة بعض الصالحين للتعبد فيها، ولم تكن تقام فيها الجمعة، والآن تغير الحال، وصارت تقام الجمعة فى أكثرها.

وأما الرباطات، فكانت من المحلات الخيرية، وبعضها كان لإقامة الصوفية، وبعضها كان للنساء المنقطعات، أو المهجورات، أو المطلقات، أو العجائز الأرامل العابدات. وكان لها الجرايات والمقامات المشهورة من مجالس الوعظ، وقد انقطع ذلك من زمن مديد.

***