آلاف كيس، ولأهل السكرية سبعون، ولأهل مرجوش أربعمائة وخمسون كيسا، كل ذلك فى مقابلة عروض التجارة، وأما النقود فلم يسمع فيها دعوى.
[[محمد على يقضى على أعدائه ومعارضيه]]
وهذه الحادثة، وإن كانت أولا ليست على مراد الباشا، لكنها آخرا كانت من أحسن ما قصده، فانها قوّت حزبه، وأوغرت صدور الناس على أعدائه، وأنعم على البرآء من هذه الحادثة، ومن برّأ نفسه، وأنعم على عابدين بيك بألف كيس، وجعل محو بيك كبير الدلاة، وألبسه الخلعة بذلك - وهؤلاء الدلاة كان أكثرهم من الدروز والشوام والمتاولة يلبسون الطراطير الطويلة من الجلد طول الواحد ذراع. وقلد عبد الله صارى كوللى اليكشارية، وألبسه الطربوش الطويل المرخى.
وفى شوال من هذه السنة، نزل الباشا من القلعة، وكان لم يبارحها مذ طلعها مستخفيا، وتوجه إلى الأثر، ومنه عدّى البحر إلى الجيزة، وبات بقصر هناك فلما أصبح ذهب إلى شبرا، فبات بها ليلة أيضا، ثم نزل إلى قصره بالأزبكية، ثم طلع القلعة، وأكثر من الاجتماع بالمشايخ والأمراء، وتكلم معهم فى رد الالتزامات لأربابها، وغرضه بذلك أن يشاع بين الناس، فتطمئن خواطر الأمراء، لأن أغلب الالتزامات كانت بأيديهم، وكانوا هم المحركين للعسكر، فأراد بذلك تسكينهم.
وكان مع ما هو فيه، يبث عيونه بالآستانة، فتصل إليه الأخبار، ويوالى الدولة وأعيانها، ويبادر لإظهار ما يحبونه، فيعمل الزينة، متى بلغه أمر فيه سرورهم، كنصرة أو ولادة.
فكانت الفرمانات تتوالى إليه مقوية لسلطته، مادحة ما يفعله، فتنشر فى الأنحاء، فازدادت مكانته، وقويت شوكته.
ولما حضر ابنه طوسون باشا من الحجاز، عمل له موكب فاخر، وزينت البلد وضواحيها أياما، وهرعت نساء الأمراء إلى بيته، مهنئين والدته بعودته، ثم توجه إلى الإسكندرية ليتقابل مع أبيه بها، فلما التقيا وتذاكرا فى أمر العسكر وتجمعهم، ثم التدبير على تفريقهم عن القاهرة، فجعل ابنه طوسون باشا بالحماد وأبى مندور، وحسين بيك وحجو بيك سارى كوللى، ومحو بيك بالبحيرة، وغيرهم بدمياط.
ولما استقر طوسون باشا بمعسكره، أخذ يؤلف قلوب العسكر إليه، حتى استمال أغلبهم، خصوصا جماعة محو بيك، فإنه كان معاندا متهورا، فقصده قص ريشه، ليتعشى به، فلما رأى محو بيك نفسه فى قلة وعسكره قد انحازوا إلى طوسون باشا، وعرف عين