ثم توجهت همة الباشا إلى عمل الأساطيل البحرية، فصنع منها عدة، واستعان بجماعة من الأوروباويين، جعلهم من جملة خدمتها، وأنشأ مدرسة لتعليم علوم البحر، وأدخل فيها جملة من الشبان المصريين، وجلب إليها مهرة المعلمين.
ثم أنشأ مدرسة الطب بجهة أبى زعبل، وعيّن لها الماهر كلوت بيك.
[[تدخل الدول الكبرى فى حرب المورة]]
فاشتهر صيته وعلا اسمه فى كافة الأنحاء، لا سيما فى بلاد الإفرنج، فلحظوه بعين الاعتبار، وكذا الدولة، فإنها وجدته مساعدا ومعينا لها، عند ما رفع اليونانيون لواء العصيان، وأرسلت لهم الدولة عساكر، فكسروهم بمورة، فراسلت محمد على باشا فى أن يساعدها، على أن كل ما أدخله تحت طاعته كانت له ولايته، فانتصب للمعاونة، وأرسل الأسطول المصرى تحت إمرة ابنه إبراهيم باشا، فتقابل بالأسطول السلطانى بمياه اليونان، وتتابعت العساكر وحصل لعساكر مصر عند تلاقيها بالعدو عدة نصرات بجريد ومورة.
وطال أمد الحرب بين الفريقين، فرأت كل من دولة إنكلترا وفرنسا والروسيا أن هذه الحرب مضرة بالمصالح العمومية، فتعاقدوا سنة ٢٧ ميلادية على التكفل بإنهاء هذه الحرب إما صلحا وإما قهرا، وقدموا لديوان السلطان بواسطة سفرائهم أن يسمح السلطان بحضور أساطيلهم إلى مياه اليونان، وعرضوا الصلح، فامتنع من قبوله، فاجتمع أساطيل المتحالفين وحصروا أساطيل الدولة بمرسى نوارين، فلم يكن لها بهم طاقة فأتلفوها، وكذا أتلفوا أساطيل مصر.
ومع ذلك لم يذعن السلطان للصلح، فاتفق الدول على إنهاء هذه المسألة بالقوة، وتجهزوا لذلك فتكفّل الأسطول الإنكليزى بالبحر، وعينت فرنسا جيشا للبر مركبا من أربعة وعشرين ألفا، ووجهته إلى مورا، فحين رأى ذلك الباشا، أمر ابنه بالرجوع، وانحلّت الحرب بذلك.
[[إدخال زراعة القطن وغيره من المحصولات والصناعات]]
وأخذ الباشا فى تتميم ما كان شارعا فيه من بناء القناطر والترع والجسور وزراعة القطن، وكان أشار عليه به أحد الفرنساوية المسمى جوميل، فجلبه إلى مصر، وبعد قليل بيع من محصوله للإفرنج مائتا ألف قنطار، وكذا جلب النيلة والأفيون وقصب السكر، وصنع له المعامل، وجدّد ورشا لغزل القطن، وفتح الشوارع، وغرس الأشجار حول القاهرة.