ولنورد هنا طرفا من سياحة ابن بطوطة لما فيها من الفوائد الجمة، قال: اكترينا الجمال من إدفو فى أعلى الصعيد، واجتزنا النيل منها إلى قرية العطوانى، وسافرنا إلى عيذاب مع طائفة من العرب تعرف بدعيم، فى صحراء لا عمارة بها خمسة عشر يوما، وفى بعض منازل طريقها نزلنا بحميثرى حيث قبر الولى أبى الحسن.
ثم وصلنا مدينة عيذاب، وأهلها من البجاة، وهم قوم سود الألوان، ولا يورثون البنات شيئا، وكان إذ ذاك ثلثا متحصل مدينة عيذاب لملك البجاة، ويقال له: الحدرى، والثلث لملك مصر الناصر، وكان ملك البجاة قدم إليها لحرب الأتراك، فانهزموا أمامه وأحرقوا المراكب، وحصلت فتن بين البجاة والترك، وتعذر سفرنا منها لجدة، فعدت مع العرب إلى صعيد مصر إلى قوص، وانحدرت منها فى النيل إلى أن وصلنا إلى مصر، فبت بها ليلة، وقصدت بلاد الشام فى شعبان سنة ست وعشرين وتسعمائة، فوصلت مدينة بلبيس ثم إلى الصالحية، ودخلت منها إلى الرمال، ومن/منازلها السواد والواردة وقطية والمطيلب والعريش والخروبة ورفح، وبكل منزل فندق يسمونه الخان ينزل به المسافرون بدوابهم، وبه سانية الماء وحانوت يشترى منه المسافر ما يحتاج إليه لنفسه ودابته، ثم أنه ذكر فى كتاب سياحته أيضا جملة من المواضع المشهورة والمشاهد المأثورة، كقبور بعض الأنبياء والصالحين وموالدهم ومنازلهم ونحو ذلك، حيث قال ما ملخصه: