للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نسبت هذه الحارة إلى ملوخيا أحد فراشى القصر الكبير - قتله الخليفة الحاكم بأمر الله وباشر قتله.

[المارستان العتيق]

ثم لما تولى يوسف صلاح الدين السلطنة، وفرق أماكن قصر الخلافة على أمرائه ليسكنوا بها، جعل موضعا منه مارستانا، وهو المارستان المشهور بالعتيق، وجعل بابه من هذه الحارة، وموضعه الآن الدار المعروفة بدار غمرى الحصرى مع ما جاورها من الدور، كما وجد ذلك فى حجج الأملاك، وهو بآخر الحارة من جهة بابها الصغير الذى هو من جهة قصر الشوك، وأصل هذا الباب أحد أبواب القصر الكبير الشرقى، وكان يسمى باب قصر الشوك، ويدخل منه إلى المارستان العتيق.

وكان القاضى الفاضل وزيرا لصلاح الدين فبنى فى هذه الحارة مدرسته (١) المشهورة، وجعل بها قاعة لقراءة القرآن، وبنى بها أيضا داره. وكانت مدرسته من أحسن المدارس، اجتمع بخزانة كتبها أربعمائة ألف مجلد، وكان بها مصحف منسوب إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان.

قال المقريزى: إن القاضى الفاضل اشتراه بستة وثلاثين ألف دينار. وكان بقاعة القرّاء أعلم المتصدرين لقراءة القرآن الكريم؛ الشيخ الشاطبى صاحب «حرز الأمانى».

وقد زال ذلك كله، ولم يبق له أثر أبدا إلا ألفاظا تقرأ فى حجج الأملاك المجاورة لأرض المدرسة والقاعة، وقد أخذ فى زماننا هذا جملة بيوت من هذه الحارة، اشتراها ديوان الأوقاف وهدمها، وبنى فى موضعها المراحيض التابعة لميضأة مسجد سيدنا الحسين.

وذكر المقريزى فى خططه أن القاضى الفاضل بنى ساقية بالمشهد الحسينى. (قلت):

وهى الساقية الموجودة الآن بحرى الجامع تجاه الشارع المارّ من غربيه الموصل إلى المحكمة وغيرها. وبالجملة فعمارة القاضى الفاضل هى القريبة من المشهد الحسينى.

(قلت): ويتوصل لهذه الحارة فى وقتنا هذا من بابين: أحدهما، وهو الصغير بجوار مدرسة إينال المعروفة بجامع أم الغلام، والثانى بجوار درب المتقدم المجاور لمنزل أحمد باشا رشيد وبها من الدور الكبيرة: دار الحاج غمرى الحصرى، ودار المرحوم إبراهيم أفندى العليمى المهندس، وغيرهما من الدور الكبيرة والصغيرة.

وفى القرن التاسع والعاشر كانت حارة درب القزازين هذه تعرف بدرب الرماح - كما وجد ذلك فى بعض حجج الأملاك. وقد رأيت فى حجة الخواجة الحاج محمد ابن المرحوم


(١) انظر المدرسة الفاضلية فى ج ٦ ص ص ١٢ - ١٣، وانظر خطط المقريزى (ط. بولاق) ج ٢ ص ٣٣٦ (أحمد تيمور)