للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعلت لها خمسمائة قرش فى كل شهر من جهة المدارس إن تنازلت من نظارتها لديوان الأوقاف فعندما سمعت بذلك رضيت فى الحال، فشر عنا فى عمارتها مدرسة من ذاك الوقت، وتمت على الصورة التى هى عليها الآن، ولم نغير بابها بل بقى على صورته الأصلية، وأصلحنا خلل القاعة والمقعد، وبعض الجهات القابلة للإصلاح وأنشأنا بها البناء القاسم للحوش، وفتحنا الدكاكين القديمة التى كانت بواجهتها فجاءت بحمد الله مدرسة حافلة ومساكن فاخرة، ودخلها نحو مائتى بنت يتعلمن فيها الكتابة وغيرها من الأشغال الدقيقة مثل الخياطة والتطريز ونحو ذلك، وترتب بها الخوجات والمعلمات، وهى عامرة إلى وقتنا هذا، ويعمل بها امتحان فى كل سنة.

[ترجمة عبد الله فكرى]

ولنذكر هنا نبذة فى ترجمة الأمير الكبير حضرة عبد الله باشا فكرى صاحب البيت المارّ ذكره، فنقول: هو ابن محمد أفندى بليغ ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد. كان جده الشيخ عبد الله المذكور - تغمده الله برحمته - من العلماء المدرسين بالجامع الأزهر من السادة المالكية من بيت علم وصلاح، أخذ العلم عن أجلاّء من مشايخ وقته؛ منهم الشيخ عبد العليم الفيومى البصير بقلبا الشهير بالعلم والبركة والكرامة الموجود مقامه فى زاويته المعروفة به فى الحارة الدويدارية من خط الأزهر ، وكان مقرئه فى الدرس، ولما دخل الفرنساوية مصر القاهرة رحل إلى منية ابن خصيب من صعيد مصر، فأقام بها مدة ثم عاد إلى القاهرة، واشتغل بقراءة العلم فى الأزهر كما كان، إلى أن توفى بها، ودفن ببستان العلماء من قرافة المجاورين بقرب ضريح الشيخ على العدوى المالكى المعروف بالشيخ الصعيدى.

ونشأ محمد بليغ أفندى ابن الشيخ عبد الله المذكور بالأزهر، وتلقى بعض العلوم والفنون به، ثم بالمدارس الملكية، ومهر فى العلوم الرياضية إلى أن صار من المهندسين، والتحق بخدمة الحكومة، وترقّى فى رتبها إلى أن وصل إلى رتبة صاغقول أغاسى. وتقلّب مع الجنود المصرية فى بعض حروبها خارج ديار مصر، فكان معهم فى غزو بلاد مورة، فأتى منها بوالدة المترجم، ثم رحل بها إلى الحجاز مع الجيوش المصرية، فولد له ولده عبد الله بمكة المشرفة، أدام الله شرفها، ثم رجع إلى القاهرة.

واستمر محمد أفندى فى خدمة الحكومة إلى أن صار باشمهندس الشرقية، وانتقل منها إلى وظيفة مفتش هندسة الجيزة والبحيرة، فتوفى بها بعد قليل فى ٢٩ شوال سة ١٢٦١.

وكان حسن الأخلاق، ديّنا صالحا، وتلقى الطريقة الخلوتية الحفنية من طرق السادة الصوفية، وكان له أذكار وأوراد يواظب عليها، ولما مات دفن مع والده.