وفى ١٧ من شهر سبتمبر ٦٩ قدم الوافدون على البرزخ من المدعوّين من طرف الخديوى والشركة وغيرهم، وحضرت قراليجة فرنسا وإمبراطور النمسا وولى عهد ألمانيا وولى عهد إيتاليا، وخلافهم من باقى الدول من أمرائهم وعلمائهم وتجارهم، وغير ذلك حتى غصت بهم مدينة بورت سعيد، وتغطى وجه البحر بالسفن البخارية، وتليت فى هذا المحفل الخطب المثنية على محاسن تلك الأعمال، وعلى نجاحها بأكمل حال، وأحسن منوال.
وكان الخديو يقابل كل من حضر من الملوك والأمراء ويحييه بما يليق بمقامه، وزينت المدينة والمينا وكافة المراكب الموجودة داخل القنال وخارجه، وعملت وليمة فاخرة لسائر المدعوّين، وانقضت تلك الليلة فى سرور وأفراح وأنس وانشراح، وفى الصباح/ركب كل من الزائرين ما أعدّ له من الوابورات، وساروا فى الخليج مسرورين بما شاهدوه وابتهجوا بما عاينوه.
ولما وصلوا إلى الإسماعيلية نزلوا فيها وأقاموا بها ليلة قضوها فى زينة وملاعب نارية، ومأكولات لذيذة شهية، ورقص وطرب وغير ذلك مما يفضى إلى العجب، فكانت ليلة لم يسبق لها مثيل، حضرها ما يفوق عن مائة ألف نفس من داخل القطر والبرزخ، خلاف من حضر من البلاد الأجنبية، وكان عددهم قدر ذلك إن لم يكن أكثر، شحنت بهم الخيم والصواوين والمنازل والوابورات.
وفى صباح تلك الليلة قامت الوابورات بالمسافرين، ولما وصلوا إلى وسط بحيرة التمساح، رأوا بحرا واسعا لا يرى الناظر ساحله إلا بعسر، وأعظم من ذلك البرك المرة. وأثنى الجميع على علوّ همة الإنسان، بعد أن شاهدوا هذا العمل الجسيم، الذى قلب موضوع الصحراء وقفارها إلى بحر غزير، يسير فيه أعظم المراكب التجارية والحربية، فبعد أن كانت البقاع خالية من الإنسان