للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسامحات، فى نظير ما يباع من الرقيق، مع ما يترك لهم من حقوق أخرى، ولو باع أحدهم للسلطان ولو واحدا من الرقيق، فله خلعة كاملة، زائدة على أصل الثمن، وله إنعامات وسفارات، تطلق على سبيل الاتجار.

وكان أمراء العسكر يلبسون أنواع الكمخ والخطئى والكنجى والمخمل والإسكندرانى والشرب والنصافى والأصواف الملونة، ثم بطل لبس الحرير فى أيام الظاهر برقوق، واقتصر على لبس الصوف الملون فى الشتاء، والنصافى المصقول فى الصيف.

وكانت العادة أن السلطان يتولى بنفسه استخدام الجند، فاذا وقف بين يديه كاتب الإقطاع المحلول، ووقع اختياره على أحد. أمر ناظر الجيش بالكتابة له، فيكتب ورقة مختصرة تسمى المثال مضمونها خبز فلان كذا، ثم يكتب فوقها اسم المستقر له، ويناولها السلطان، فيكتب بخطه، ويعطيها الحاجب لمن رسم له، فيقبّل الأرض، ثم يعاد المثال إلى ديوان الجيش فيحفظ هناك، ثم يكتب مربعة بخطوط وعلامات جميع المباشرين، وترسل إلى ديوان الإنشاء، فيكتب المنشور، ويعلم عليه السلطان.

فمن الجند من يقطع له بلاد يستغلها، وينتفع بها كيف شاء، ومن يقطع له نقود يتناولها من جهات؛ كمقرر طرح الفراريج، والمكوس كساحل الغلة، وكالسمسرة، ورسوم الولاة والأفراح، وحمايات المراكب، وغير ذلك مما ذكره المقريزى

حتى تملّك المنصور لاجين، فجعل أرض مصر أربعا وعشرين قيراطا، اختصّ منها بأربعة، وجعل للجند عشرة، وللأمراء عشرة، فكان الأمراء يأخذون كثيرا من إقطاعات الأجناد، فلا يصل إلى الأجناد منها شئ، ويصير ذلك الإقطاع فى دواوين الأمراء.

فلما أفضت السلطنة إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون راك البلاد، فصارت الإقطاعات كلها بلادا، وجعل لخاصته عدة نواح، بلغت عشرة قراريط من الإقليم، وصارت إقطاعات الأمراء والأجناد وغيرهم أربعة عشر قيراطا، وبلغت عدة الجيوش فى زمنه أربعة وعشرين ألف فارس، وكانت لهم رسوم وعادات سرت لهم - مع سير الزمان - من عادات أهل البلاد والأمراء، فقبل اختلاطهم بالتتر كانوا - لتربيتهم بدار الإسلام - يحفظون القرآن، ويفقهون الأحكام، ويتّبعون السنة.

[الجلوس بدار العدل]

كانت الملوك تجلس بدار العدل بكرة كل خميس واثنين طول السنة، ما عدا شهر رمضان، للنظر فى المظالم. وتجلس قضاة المذاهب الأربعة عن يمين الملك، يليه الشافعى، ثم الحنفى، ثم المالكى، ثم الحنبلى، ثم وكيل بيت المال وناظر الحسبة، وعن يسار السلطان