الدولة الفاطمية وبدار موسك، ثم عرف بالملك المفضل بن العادل بن أيوب وصار يقال لها:
الدار القطبية. إلى أن/أخذها الملك المنصور من ابنة العادل المعروفة بالقطبية وعوضت عنها قصر الزمرد برحبة باب العيد، ورسم بعمارتها مارستانا وقبة ومدرسة فتمت فى أحد عشر شهرا وأيام على يد سنجر الشجاعى، وكان ذرع هذه الدار عشرة آلاف وستمائة ذراع.
وسبب بناء ذلك أن الملك المنصور لما توجه وهو أمير إلى غزاة الروم سنة خمس وسبعين وستمائة أصابه بدمشق قولنج عظيم فعالجته الأطباء بأدوية أخذت له من مارستان نور الدين الشهيد فبرأ ونذر: إن آتاه الله الملك أن يبنى مارستانا. فلما تسلطن أخذ فى عمل ذلك وولى الأمر سنجر الشجاعى أمر عمارته، فأبقى القاعة على حالها وعملها مارستانا وهى ذات إيوانات أربع لكل إيوان شاذروان وبدور قاعتها فسقية يصير إليها من الشاذروانات الماء.
[مبحث مارتب للمارستان]
ولما نجزت العمارة وقف عليها الملك بديار مصر وغيرها ما يقارب ألف ألف درهم فى كل سنة، ورتب مصاريف المارستان والقبة والمدرسة ومكتب الأيتام، ثم استدعى قدحا من شراب المارستان وشربه، وقال: قد وقفت هذا على مثلى فمن دونى وجعلته وقفا على: الملك والمملوك والجندى والأمير والكبير والصغير والحر والعبيد والذكور والإناث.
ورتب فيه العقاقير والأطباء وسائر ما يحتاج إليه وجعل فيه فراشين من الرجال والنساء وقرر لهم المعاليم، ونصب الأسرة للمرضى وفرشها وأفرد لكل طائفة من المرضى موضعا قسما للرجال وقسما للنساء، وجعل الماء يجرى فى جميعها، وأفرد مكانا لطبخ الطعام والأدوية ومكانا لتركيب المعاجين والأكحال ونحوها، ومكانا للخزن ومكانا لتفرقة الأشربة والأدوية ومكانا لدرس الطب.
وجعل النظر لنفسه ثم لأولاده ثم لحاكم المسلمين الشافعى، وضمن وقفه كتابا تاريخه يوم الثلاثاء ثالث عشر صفر سنة ثمانين وستمائة، وبلغ مصروف الشراب منه فى كل يوم خمسمائة رطل سوى السكر، ورتب فيه عدّة ما بين أمناء ومباشرين للإدارة ولاستخراج مال الوقف، ومباشرين فى المطبخ وفى عمارة الأوقاف، وقرر فى القبة خمسين مقرئا يتناوبون القرآن ليلا ونهارا وإماما راتبا ورئيسا للمؤذنين عندما يؤذنون فوق منارة ليس فى إقليم مصر أجلّ منها، ورتب بها درسا لتفسير القرآن فيه مدرس ومعيدان وثلاثون طالبا ودرس حديث، وجعل بها خزانة كتب وستة خدام طواشية، ورتب بالمدرسة إماما