راتبا ومتصدرا لإقراء القرآن، ودروسا أربعة على المذاهب الأربعة، ورتب بمكتب السبيل معلمين يقرئان الأيتام، ورتب لكل يتيم رطلين من الخبز يوميا مع كسوة الشتاء والصيف.
فلما ولى الأمير جمال الدين أقوش نائب الكرك نظر المارستان أنشأ به قاعة للمرضى وتحت حجارة الجدر حتى صارت كأنها جديدة، وجدّد تذهيب الطراز بالمدرسة والقبة، وعمل خيمة تظل الأقفاص طولها مائة ذراع، وأبطل حوض ماء بجانب الباب كانت الناس تتأذى من رائحته وأنشأ عوضه سبيلا.
وقد تورّع طائفة عن الصلاة فى هذه المدرسة والقبة وعابوا المارستان لكثرة عسف الناس فى عمله وإخراب عمائر الغير ونقل أنقاضها إليه؛ فقد نقل من قلعة الروضة ما احتاج إليه من العمد الصوّان والرخام والقواعد والأعتاب وغير ذلك، ومدح غير واحد هذه العمارة منهم شرف الدين البوصيرى، فمما قال فيها:
مدينة علم والمدارس حولها … قرى أو نجوم بدرهنّ منير
إلى أن قال:
بناها سعيد فى بقاع سعيدة … بها سعدت قبل المدارس نور
انتهى باختصار:
وفى ابن إياس: أنه فى سنة سبع وتسعين وثمانمائة أمر الأمير الكبير أزبك الأتابكى من ططح (صاحب جامع الأزبكية) بتجديد عمارة المدرسة المنصورية التى بدهليز البيمارستان وعمل الفسقية التى بها قبة وجدد بها منبرا، وأقام بها خطبة ولم يعهد قبل ذلك أن أحدا من الأتابكية قبله أقام بها خطبة.
وفى سنة ثمانمائة واثنتين فى دولة الناصر فرج أراد أيتمش البجاسى الأتابكى أن يفعل ذلك فتعذر عليه وأفتاه بعض العلماء بعدم جواز ذلك لمخالفته شروط الواقف، فلما تولى الأتابكية تمراز الشمسى بعد ذلك أبطل الخطبة منها؛ فلما قتل تمراز وأعيد أزبك إلى الأتابكية أعاد بها الخطبة واستمرت إلى الآن، انتهى.
وفى حجة مؤرخة بثمانية المحرم سنة خمس وسبعين ومائة وألف: أن الملك المنصور أبا المظفر قلاوون الصالحى قسيم أمير المؤمنين وقف جميع القبة والمدرسة والمارستان بصدر الدهليز الجامع لذلك ومكتب السبيل والصهريج وما يتبع ذلك داخلا وخارجا، ويجمع ذلك سور دائر عليه وجميع الحوانيت والأماكن والحواصل والخزائن والربوع والطباق