وفى كل سنة يعمل له مولد تحضره أولاد الطريقة الرفاعية من جهات القطر ومدنه، ولما اختارت المرحومة والدة الخديوى إسماعيل باشا الدفن بقربه وشرعت فى بنائه زاد اعتقاد الناس، واتسعت شهرته وعظم مولده حتى فاق غيره من الموالد فكانت الزفة التى تعمل فى آخر يوم من أيام المولد الثمانية يجتمع فيها خلق كثير تغص بهم الشوارع والأسواق للفرجة، ويمشى خلفاء الطريقة كل خليفة مع رجاله بإشاراته وطبوله ومزاميره وراياته، وبعده غيره وهكذا حتى يكون أولها زاوية الرفاعى وآخرها جامع مير زاده بسوق السلاح، وكل طائفة تمتاز ببدعة عن غيرها، فهذه تأكل الثعابين أو تتطوق بها أو توهم أنها تقرصها ولا تؤلمها وهذه تأكل القزاز والنار والصبار، وأخرى تضرب نفسها بالسيوف والدبابيس، وكثير من شبان الطريقة الحبيبية يتجردون عن ثيابهم، وفى أشداقهم وصدورهم سلوك من معدن فى طرفيها البلح الأحمر والأصفر والليمون والبرتقال، وبعد هؤلاء طائفة تقرأ الدلائل، وبعدها يكون شيخ الطريقة راكبا ومعه غيره من خلفاء الطريقة بزى الرفاعية، وعلى رأس الشيخ تاج الولى صاحب المولد، ويخرج هذا الركب من الزاوية ويمر بالدرب الأحمر، ثم إلى قصبة رضوان، وإلى الخيمية والسروجية والصليبة إلى الرميلة، محل الخيام سابقا، ثم يتفرقون كل طائفة فى خيامها، وقد جعلت الخيام الآن موضع مولد سيدى على البيومى ﵃ أجمعين، وقد نقلت قبل ذلك الخيام لكثرتها إلى الفضاء الواسع قريبا من قبة الإمام الشافعى ﵁، ثم نقلت إلى العباسية فى موضع مولد الشيخ البيومى وقريب العصر تعمل «الدوسة» وهى عبارة عن عدة من الناس تنسطح على الأرض، بعضهم على سيوف، والبعض على دبابيس، وخلفاء/الطريقة والنقباء يمشون فوق ظهورهم، وكثيرا ما حصل من ذلك خطر عظيم. وظاهر أن جميع ذلك بدع لم ترد بها سنة ولا شرع ويأباها العقل والإنسانية، ولذلك صدرت الأوامر من الحضرة الخديوية بإبطالها فبطلت ولله الحمد.
[جامع الركراكى]
هو بسوق الخشب. به عمود من الحجر، وبوسط ميضأته عمود من الرخام، وشعائره مقامة، وبه منبر وخطبة، وبه ضريح الشيخ الركراكى. وله أوقاف تحت نظر الشيخ مصطفى الجوهرى.
وفى أول أمره كان زاوية ذكرها المقريزى بقوله: هذه الزاوية خارج القاهرة بأرض المقس، عرفت بالشيخ المعتقد أبى عبد الله محمد الركراكى المغربى لإقامته بها، وكان فقيها مالكيا متصديا لأشغال المغاربة، يتبرك الناس به، إلى أن مات بها يوم الجمعة ثانى عشر جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وسبعمائة ودفن بها، والركراكى