فلما وثب الأمير حسام الدين لاجين على كتبغا وتسلطن ولى سنقر هذا الوزارة عوضا عن ابن خليل فى جمادى الأولى سنة ست وتسعين وستمائة، ثم قبض عليه فى ذى الحجة منها، وذلك أنه تعاظم فى وزارته، وصار يتبين منه للسلطان قلة الاكتراث به، فأخذ فى ذمه، ثم صرف عن الوزارة، وقيد فأرسل يسأل السلطان عن الذنب الذى أوجب هذه العقوبة، فقال ما له عندى ذنب غير كبره.
ولم يزل يتنقل من الوزارة إلى غيرها، وتمر عليه حوادث حتى انتهى أمره بأن استقر أحد أمراء الألوف، وحج صحبة الأمير سلار، ومات بالقاهرة بعد أمراض فى سنة تسع وسبعمائة. (انتهى باختصار).
[مطلب بيان ما اغتصب من حارة الجوانية]
وقد اغتصب سليمان أغا السلحدار قطعة كبيرة من حارة الجوانية، من ضمنها السبيل المذكور، والمكتب الذى يعلوه، وبنى بها العمارة التى عن يمين الداخل من بابها إلى ضريح الشيخ الجمل، وأنشأ موضع السبيل والمكتب قصرا وأسكنه جماعة من النصارى، وكان قد كتب هذه العمارة لإحدى زوجاته، فلما مات هدمت القصر، وأعادت السبيل والمكتب كما كان.
[دار الست طولباى]
وكان بباب الجوانية أيضا دار الست طولباى الناصرية، وموضعها الآن وكالة تجاه باب درب الرشيدى واقعة فى وقف سليمان أغا السلحدار. قال المقريزى: وهذه الدار بجوار حمام الأعسر برأس حارة الجوانية، تجاه درب الرشيدى، أنشأها الأمير سنقر الأعسر الوزير، ثم عرفت بخوند طولباى الناصرية جهة الملك الناصر.
[ترجمة الست طولباى الناصرية]
قال: وطولباى هذه هى من ذرية جنكزخان، تزوجها الملك الناصر محمد بن قلاوون.
ولما جاءت من بلادها إلى الإسكندرية فى شهر ربيع الأول سنة عشرين وسبعمائة، وطلعت من المراكب وحملت فى خركاه من الذهب على العجل، وجرها المماليك إلى دار السلطنة بالإسكندرية، وبعث السلطان إلى خدمتها عدة من الحجاب وثمانى عشرة من الحرم، ونزلت فى الحراقة فوصلت إلى القلعة يوم الاثنين الخامس والعشرين من ربيع الأول المذكور، وفرش لها بالمناظر فى الميدان دهليز أطلس معدنى، ومدّ لهم سماطا، ثم عقد عليها يوم الاثنين