للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(مقياس الروضة فى زمن الإسلام)]

والذى ينسب إليه مقياس الروضة هو سليمان بن عبد الملك وهو الثامن من بنى أمية، وكان قد تولى الخلافة سنة ست وتسعين من الهجرة، وفى السنة الأولى من خلافته وقع المقياس الذى كان بحلوان، وكان العامل على خراج مصر حينئذ أسامة بن [زيد] (١) الملقب بالتنوخى، فكتب إلى الخليفة يعلمه بالحادثة، فصدر له أمره بأنه لا يعيده ويبنى مقياسا فى الجزيرة الموجودة في وسط النيل بين الفسطاط والجزيرة، فامتثل لأمره وأخذ فى وضع الأساس فى السنة التى وقع فيها مقياس حلوان، وحصل الجهد فى بنائه، فتم فى سنة سبعة وتسعين هجرية، واتفق مؤرخو العرب على أن عمود المقياس الموجود الآن، هو نفس العمود الذى وضعه أسامة؛ والذى يؤيد ذلك الكتابة الكوفية الموجودة عليه إلى وقتنا هذا، ومع ذلك قد حصل وقوع العمود المذكور مرارا وصار رجوعه فى أوقات مختلفة. وفى زمن الخليفة المأمون، حصل للمقياس خلل وذلك من تهاون العمال، وتلاشى الأحوال بالديار المصرية؛ فأمر الخليفة المأمون بردّه إلى أصله سنة تسع وتسعين ومائة من الهجرة، وبعض مؤرخى العرب ينسبون إليه مقياس الروضة، والأصح هو ما قدمناه من نسبته إلى الخليفة سليمان بن عبد الملك. ثم بعد ذلك فى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين من الهجرة فى خلافة المتوكل على الله جعفر العباسى، حصلت عمارة المقياس أيضا، وعرف بين الناس «بالمقياس الجديد»، وفى سنة سبع وأربعين ومائتين حصلت عمارته أيضا فى خلافة المتوكل، فكان ما مضى من وقت إنشائه أول مرة إلى هذا الوقت مائة وخمسين سنة، ففى هذه المدة حصلت عمارته جملة مرات كما تقدم.

ويدل ذلك على أنه كان لا يبذل فيها ما يلزم من الهمة والدقة، وأظن أن


(١) فى الأصل: يزيد. والمثبت هو الصحيح من خطط المقريزى، ج ١، ص ٥٨.