للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدانية من النيل، ومنهم على الشطوط لا يتناكرون كل ما يمكنهم إظهاره من المآكل والمشارب وآلات الذهب والفضة والجواهر والملاهى والعزف والقصف، وهى أحسن ليلة تكون بمصر وأشملها سرورا، ولا تغلق فيها الدروب، ويغطس أكثرهم فى النيل، ويزعمون أن ذلك أمان من المرض ونشرة للداء.

قال المسبحى: فى سنة ثمان وثمانين وثلثمائة كان غطاس النصارى فضربت الخيام والمضارب [والأسرّة] (١) فى عدة مواضع على شاطئ النيل، ونصبت أسرة للرئيس فهد بن إبراهيم النصرانى كاتب الأستاذ برجوان، وأوقدت له الشموع والمشاعل، وحضرت المغنون والملهون، وجلس مع أهله يشرب إلى أن كان وقت الغطاس، فغطس، وانصرف. وقال فى سنة خمس عشرة وأربعمائة: وفى ليلة الأربعاء رابع ذى القعدة كان غطاس النصارى، فجرى الرسم من الناس فى شراء الفواكه والضأن وغيره، ونزل أمير المؤمنين الظاهر لإعزاز دين الله ابن الحاكم لقصر جده العزيز بالله بمصر لنظر الغطاس، ومعه الحرم، ونودى أن لا يختلط المسلمون مع النصارى عند نزولهم إلى البحر فى الليل، وضرب بدر الدولة الخادم الأسود متولى الشرطتين خيمة عند الجسر، وجلس فيها، وأمر الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله بأن توقد المشاعل والنار فى الليل، فكان وقودا كثيرا، وحضر الرهبان والقسوس (٢) بالصلبان والنيران، فقسسوا هناك طويلا، إلى أن أغطسوا. وقال ابن المأمون:

إنه كان من رسوم الدولة أن يفرق على سائر أهل الدولة الأترج والنارنج والليمون المراكبى وأطنان القصب والسمك البورى، برسوم مقررة لكل واحد من أرباب السيوف والأقلام (٣).


(١) فى الأصل: والأشرعة. والتصحيح من خطط المقريزى، ج ١، ص ٢٦٥.
(٢) القسوس: جمع القس والقسيس.
(٣) انظر خطط المقريزى، ج ١/ ٢٦٥ - ٢٦٦.