للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويركب على الآبار السواقى، لتنقل الماء إلى القناطر العتيقة زيادة لمائها. واشترى جميع الأملاك هناك، وحفر الآبار فى الحجر، فصار عمق البئر أربعين ذراعا. ومات الملك الناصر قبل أن يتم جميع ذلك، وإلى الآن جميع هذة الآبار باقية فى ذيل الجبل المطل على أرض البساتين، والعيون ظاهرة، تمر غربى الإمام الشافعى .

[[اتصال مصر بالقاهرة]]

وبالجملة فلم يهتم أحد من الملوك السابقين عليه، ولا اللاحقين به مثله فى أمر العمارة والبناء، ونحن لم نذكر جميع ما أجراه مدة سلطنته الطويلة من قناطر وترع وجسور، ومبان خيرية فى القاهرة ومصر، وجهات كثيرة من القطر المصرى، والبلاد الشامية، خشية زيادة الإطالة. ومن كثرة عمائره اتصلت مصر بالقاهرة حتى صارتا بلدا واحدا من مسجد تبر بقرب القبة إلى بساتين الوزير، قبلى بركة الحبش، ومن شاطئ النيل بالجيزة إلى الحبل المقطم.

وعمر الناصر الجامع الجديد المطل على بحر النيل عند موردة الحلفاء (١)، وهدم لأجل ذلك الصنم الذى كان عند قصر الشمع بسرّية أبى الهول، وأدخل حجارته فى عمارة الجامع.

وأجرى بمكة المعظمة عين ماء وهى المعروفة بعين بازان، وعمل للكعبة بابا جديدا من خشب السنط الأحمر صفحه بطبقة من الفضة زنتها ثلاثون ألف درهم، وأنعم بالفضة القديمة على الخدم.

وفى أيامه عمرت القرية المعروفة بالنحريرية، عمرها الأمير شمس الدين سنقر السعدى، وأخذها الناصر منه بعد عمارتها.

وجدد عمارة الرصد، وعمارة جامع راشدة عند دير الطين، وجدّد عمارة مشهد السيدة نفيسة ، ووضع به المحراب على التحرير الصحيح.

وعمّر زاوية الشيخ رجب التى تحت القلعة. إلى غير ذلك مما يطول تعداده.

[[حريق القاهرة فى زمن الناصر]]

ومن الحوادث المهمة فى أيامه التى تؤرخ حادثة حرق كنائس كثيرة فى القاهرة ومصر والإسكندرية وجهات كثيرة من الإقليم فى ساعة واحدة يوم الجمعة التاسع من ربيع الآخر سنة عشرين وسبعمائة، خربها العامة ونهبوا ما فيها، وقتلوا وسبوا كثيرا ممن بها وقت اشتغال الناس بصلاة الجمعة، وقد أسهب المقريزى فى تفصيل تلك الحادثة، وذكرناها عند الكلام على شارع الناصرية (٢) من هذا الكتاب.


(١) فى الطبعة الأولى «الخلفاء» والتصحيح لأحمد تيمور (باشا).
(٢) فى الطبعة الأولى «النصرية» والتصحيح لأحمد تيمور (باشا).