الغريب لا يجد من يأويه ولا مكانا يطمئن فيه، بخلاف ما هى عليه الآن، فقد رفلت هى وسائر جهات الوطن فى حلل السعادة، وكثرت بها المتاجر والحوانيت والخانات، ووصلت إلى ما يتعسر حصرة، وكثرت بها بنوك الإفرنج التجارية، وهذا بخلاف عدد وافر منهم صيارفة يتجرون فى النقود، وبخلاف عدد آخر منتصبين لشراء محصولات القطر وجلب البضائع الخارجية. وفى كل يوم تتجدد بها البنوك ويرد إليها الأغراب من كل جهة.
[مطلب بيان عدد ما يذبح كل سنة بمذبح إسكندرية]
وقد أحصى ما يذبح بسلخانة تلك المدينة كل سنة من بهيمة الأنعام فى لوازم الأكل فوجد ١٠٠٩٩٦ بهيمة، منها الأغنام ٢٧١٥٧ شاة ومنها من صنف البقر ١١٦١٢، مع أنها كانت قبل العائلة المحمدية ليس بها من الجزارين غير اثنين فى حارة المغاربة، وكان أكثر أهل الميسرة يشتركون فى شاة يقتسمونها بينهم، فهذا الفرع وحده من أكبر أدلة الثروة.
وقد كثرت بها أيضا اللوكندات، حتى صار الغريب يتخير لنفسه ما شاء، مع الأمن على النفس والمال.
ومن آثار الثروة أنك ترى الناس فى كل موضع من المدينة فى حركة: مشاة وركبانا، لا فرق بين ليل ونهار بسبب الغازات الحافة بجوانب الطرق والشوارع، ذات السعة والاعتدال، مع كثرة العربات المعدة للركوب على رؤوس الشوارع والميادين، ومنها الذاهبة والآيبة على خيول كأنها الرياح المرسلة على هيآت مختلفة فى المحاسن والدرجات.
[مطلب عدد العربات المعدة للأجرة وغيرها]
وقد أحصى ما وجد منها فى هذه المدينة فوجد كما ترى: عربات الركوب المختصة