ومن كثرة الراغبين فى سكناها مع زيادة الثروة، ارتفعت قيمة الأرض داخل المدينة وخارجها حتى بلغت قيمة الذراع الواحد فى داخل البلد جنيها ونصفا، وقد كانت حين جلوس العزيز محمد على باشا على التخت لا تزيد فى تلك الجهات عن عشرة فضة، فأين هذا من ذاك، وفى دائر المنشية بلغت قيمة الذراع الآن أربعة جنيهات، بعد أن كانت لا تزيد عن ثلاثين نصف فضة، وهكذا الفرق فى خارجها فقد بيعت فى الزمان السابق ضيعة فوق المحمودية تسمى: غيط غربال، بثمانين كيسة، ثم فى سنة ١٣٨٤ هجرية أرادت الدائرة السنية شراءها بعشرة آلاف جنيه فأبى مالكها فانظر الفرق، وكذلك التلول، التى كانت لا قيمة لها، صار الآن بعضها يباع ذراعه بثلاثة فرنكات وبعضها بأكثر، ولم تزل القيمة تتزايد والرغبات تقوى والخلق تكثر، وعما قليل تتصل مبانيها بمبانى المحمودية مع امتدادها إلى ناحية الرمل وأبى قير.
فهذه المدينة فوق ساحل البحر، أول شاهد للعائلة المحمدية، سيما الحضرة الخديوية، باستحقاق الثناء وتخليد الذكر، فإن كل من شاهد محاسنها التى هى عليها الآن وتذكر الحالة التى كانت عليها قبل، نطقت جميع جوارحه بشكر تلك الشجرة المباركة التى استضاء بها جميع الوطن، سيما تلك المدينة، وكيف لا وقد كانت تجردت قبل هذه العائلة عن محاسنها، وعرت عن العلم وأهله، فكان لا يرى بها إلا بعض وعاظ فى شهر رمضان والشهرين قبله إلى أن بنى الشيخ إبراهيم باشا جامعه/سنة ١٢٤٠، فأخذ العلم فى الظهور والانتشار بسبب شمول مرحمة العزيز جميع أهله، وجعل يتسع باتساع الرزق حتى صار يدرس فى أكثر مساجدها مثل مسجد سيدى أبى العباس المرسى، ومسجد البوصيرى فى جميع فصول السنة.
وكذلك لم يكن بها من المتاجر إلا شئ قليل، فكانت أماكن البيع منحصرة فيما حول جامع الشيخ إبراهيم باشا فى دكاكين لا تزيد عن خمسة عشر دكانا، وكذلك اليهود الصيارفة كانوا قليلين محصورين فى حارتهم المعروفة بهم فى مساكن من ضمن رباع الأهالى، وكان